الثانية - عند ما حضر ملك الفرنج مرى إلى القاهرة وحصرها، وقرر على أهلها المال، واحترقت مدينة الفسطاط، ونزل على تنيس وأشموم ومنية غمر، وصاحب أسطول الفرنج فى عشرين شونة، فقتل وأسر وسبى.
وفي وزارة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب العاضد، وصل الفرنج إلى دمياط فى شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وخمسمائة، وهم فيما يزيد على ألف ومائتى مركب.
فخرجت العساكر من القاهرة، وقد بلغت النفقة عليهم زيادة على خمسمائة ألف دينار. قأقامت الحرب مدة خمسة وخمسين يوما، وكانت صعبة شديدة. واتهم فى هذه النوبة عدة من أعيان المصريين بممالأة الفرنج ومكاتبتهم، وقبض عليهم الملك الناصر وقتلهم. فسير صلاح الدين إلي نور الدين محمود بن زنكى صاحب الشام يستنجده، ويعلمه بأنه لا يمكنه الخروج من القاهرة إلى لقاء الفرنج خوفا من قيام المصريين عليه.
فجهزوا إليه العساكر شيئا بعد شئ، وخرج نور الدين من دمشق بنفسه إلى بلاد الفرنج التى بالساحل وأغار عليها واستباحها.
وفى سنة سبع وسبعين وخمسمائة، رتبت المقاتلة على البرجين وشدت مراكب إلى السلسلة ليقتل عليها ويدافع عن الدخول من بين البرجين، ورم شعث سور المدينة وسدت ثلمة، وأتقنت التى بين البرجين فبلغت النفقة على ذلك ألف ألف دينار. واعتبر السور، فكان قياسه أربعة آلاف وستمائة وثلاثين ذراعا.
وفي سنة خمس عشرة وستمائة، كانت واقعة دمياط العظمى. وكان سبب هذه الواقعة أن الفرنج فى سنة أربع عشرة وستمائة تتابعت أمدادهم من رومية الكبرى مقر البابا ومن غيرها من بلاد الفرنج، وساروا إلي مدينة عكا فاجتمع بها عدة من ملوك الفرنج، وتعاقدوا على قصد القدس وأخذه من أيدى المسلمين، فصاروا بعكا فى جمع عظيم.
وبلغ ذلك الملك أبا بكر بن أيوب فخرج من مصر فى العساكر إلى الرملة فبرز الفرنج من عكا فى جموع عظيمة، فسار العادل إلى بيسان، فقصده الفرنج فخافهم لكثرتهم وقلة عسكره، فأخذ على عقبة فيق يريد دمشق.
وكان أهل بيسان وما حولها قد اطمأنوا لنزول السلطان هناك، فأقاموا في أماكنهم وما هو إلا أن سار السلطان وإذا بالفرنج قد وضعوا السيف فى الناس، ونبهوا البلاد، فحازوا من أموال المسلمين ما لا يحصى كثرة، وأخذوا بيسان وبايناس وسائر القرى التى هناك، وأقاموا