للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر مدينة النحريرية]

أعلم أن النحريرية كانت أرضا مقطعة لعشرة من أجناد الحلقة ومن جملتهم شمس الدين سنقر السعدى نقيب الجيوش المنصورة فأخذ قطعة من أرض هذه القرية وجعلها اصطبلا لدوابه وخيله فشكاه بعض شركائه إلى السلطان الملك المنصور قلاوون فسأله عن ذلك فقال أريد أن أجعل موضع ذلك جامعا فى القرية تقام فيه الخطبة فإذن له السلطان فى ذلك فابتدأ فى عمارته فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة حتى كمل وعمل له منبر وخطب به واستمر إلى يومنا هذا ولم تزل هذه قرية بيده حتى مات وورتها ابناه خليل وعمر فأقامت معهم مدة، ثم باعوها للأمير شيخو العمرى وقفا على الخانقاه والجامع الذين أنشأهما بخط الصليبة الطولونية.

***

[ذكر دقلديانوس الذى يعرف تاريخ القبط به]

أعلم أن دقلديانوس هذا أحد ملوك الروم المعروفين بالقياصرة، وكان من غير بيت المملكة. فلما ملك واشتد ملكه ولى مدائن الأكاسرة ومدينة انطاكية ومدينة بابل فاستخلف ابنه على مملكة رومه وأتخذ هو تخت ملكه بمدينة انطاكية وجعل لنفسه بلاد الشام ومصر إلى أقصى المغرب، فلما كان فى السنة التاسعة عشر من ملكه خامرت عليه أهل مصر والإسكندرية، فسار إليهم وقتل منهم خلقا كثيرا وأوقع بالنصارى واستباح دماءهم وغلق كنائسهم ومنع من دين النصارى وحمل الناس على عبادة الأصنام وبالغ فى الإسراف من قتل النصارى وأقام ملكا إحدى وعشرين سنة وهو آخر من عبد الأصنام من ملوك الروم. فلما ملك بعده قسطنطين الأكبر أظهر دين النصرانية بعد ما كان قد دثر من أيام دقلديانوس، وكانت أيامه أيام شنعة من كثرت القتل والسبى وهدم بيوت العبادات وكانت واقعة بالنصارى أشنع وأشد لأنها دامت عليهم نحو عشرين سنة لا يغتر فيها يوما واحدا عن قتل أحد من النصارى وابطال دين النصرانية من الأرض فلهذا أتخذوا القبط من ابتداء ملك دقلديانوس تاريخا.

***

<<  <   >  >>