للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحس التمساح بذلك الطائر قبض فاه على ذلك الطائر، فيضربه الطائر بتلك الأبرتين في سقف حلقه فيفتح، فيطير ذلك الطائر من جوفه، وتكون تلك الدويبة المقدم ذكرها قد كمنت له فى الرمل، فتدخل فى جوفه فيخبط التمساح بنفسه على الأرض ويطلب البحر فلا تزال عليه حتى تحزق جوفه، وتخرج منه وربما قتل نفسه قبل أن تخرج من جوفه، وتخرج بعد موته، وهذه الدويبة نحو الذراع على صورة ابن عرس، ذات قوائم شتى ومخالب.

ويقال أنه كان بجبال فسطاط مصر طلسم معمول برسم التمساح لا يستطيع الحركة عنده، بل كان إذا قرب منه انقلب واستلقى على ظهره، فيبعثون الصبيان به إلى أن يجاوز ذلك الطلسم ثم يعود إلى حاله أو يموت، وهذا الطلسم كسر فبطل فعله. ويقال أن التمساح يبيض كبيض الأوز، وربما تولد منه جرادين صغار، ثم تكبر حتى تبلغ طولها عشرج أشبا، والتمساح بجامع انتاتيه ستين مرة فى حركة واحدة ومحل واحد، والله أعلم.

***

[ذكر طرف يسيرة من تقدمه المعرفة بحال النيل فى كل سنة]

قال ابن رضوان (١) فى شرح الأربع وقد يحتاج أمر النيل إلى شروط منها:

أن تكون الأمطار متوالية فى نواحى الجنوب قبل مدة وفى وقت مدة، ولذلك وجب أن يكون النيل متى كانت الزهرة وعطارد مقرنين فى مدخل الصيف، كثرة الزيادة لرطوبة الهواء ومتى كان المريخ أو بعض المنازل فى ناحية الجنوب فى مدخل الربيع أو الصيف، كانت الأمطار قليلة فى تلك الناحية، ومنها أن تكون الريح شمالية لتوقف جريه، فأما الجنوبية فأنها تسرع إنحداره ولا تدعه يلبث، فإذا علمت ما يكون فى ناحية الجنوب من كثرة الأمطار أو قلتها، وفى ناحية مصر من هبوب الرياح فى فصلى الربيع والصيف فقد علمت بحال النيل كيف تكون فى تلك السنة بمصر من الخصب والجدب.


(١) هو محمد بن رضوان بن محمد بن أحمد أبو يحيى النميرى الوادى، صاحب شجرة فى أنساب العرب مات سنة ٦٥٧ هـ/ ١٢٥٩ م.

<<  <   >  >>