قال ابن الطوير (١): أن مدينة القلزم أثرها باق إلى اليوم يراها الراكب السائر من مصر إلى الحجاز، وكانت في الزمن القديم ساحلا من سواحل الدولة المصرية، وكانت ذات مساجد وجوامع محكمة البناء، وكان بها قاضى وشهود وخطباء وتجار كثيرة، وفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة أمر الحاكم بأمر الله أن يسامح أهل القلزم بما كان يؤخذ منه من المكوس على المراكب.
ويقال أن فرعون غرق هناك، وكان إلي جانبها مدينة يقال فاران وقيل تاران.
***
[ذكر التيه]
أعلم أن التية على مقدار أربعين فرسخا فى مثلها، والفرسخ أثنى عشر ألف ذراع، والذراع أربعة وعشرون قيراطا وفيه تاه بنو إسرائيل أربعين سنة، ولم يدخلوا مدينة ولا أووا إلى بيت، ولا بدلوا ثوبا وفيه مات موسى ﵇.
ويقال أطول التية نحو من ستة أيام.
واتفق أن المماليك البحرية لما خرجوا من القاهرة هاربين وفى سنة اثنتين وخمسين وستمائة، مر بطائفة منهم بالتية فتاهوا فيه خمسة أيام، ثم تراءى لهم فى اليوم السادس سواد على بعد، فقصدوه فإذا مدينة عظيمة لها سور وأبواب كلها من رخام أخضر، فدخلوا بها وطافوا بها فإذا هى قد غلب عليها الرمل حتى طم أسواقها ودورها، ووجدوا بها أواني وملابس، وكانوا إذا تناولوا منها شيئا تناثر من طول البلى، ووجدوا فى صينية بعض البزازين تسعة دنانير ذهبا، عليها صورة غزال وكتابة عبرانية، وحفروا موضعا، فإذا حجر على صهريج ماء فشربوا منه ماء أبرد من الثلج.