للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير يونس الدوادار، ثم بعث نوكار الزرد كاش إلى مماليكه الجلبان الذي وثبوا مع طائفة من المماليك الظاهرية ليستميلهم عن ذلك ويسترضيهم، فعاد الجواب مثل الجواب الأول بأن يسلمهم الأمير يونس الدوادار وقد صمموا على ذلك، وكانت هذه الحركة في سلخ جمادى الآخرة.

فلما استهل رجب بدأ السلطان بضرب الكرة (١) فلم يطلع غالب الأمراء إلى القلعة … . ثم إن المماليك أصبحوا وهم لابسون لامة الحرب ووقفوا بسوق الخيل وقد اشتد الأمر ومنعوا الأمراء من الصعود إلى القلعة، فبعث السلطان يقول للخليفة غيب من بيتك حتى تسكن هذه الفتنة فلم يغيب من بيته، فتوجهوا إليه المماليك وأركبوه من بيته وأتوا به إلى البيت الكبير الذي عند حدرة البقر (٢) فأقام به فاشتد القتال، فلما بلغ السلطان ذلك نزل إلى باب السلسلة وجلس بالمقعد المطل على الرملة وعلق الصنجق السلطاني على رأسه ودقت الكوسات حربى فوقع في ذلك اليوم قتال هين، فلم تكن إلا ساعة يسيرة وقد انفض ذلك الجمع وفر المماليك شيئاً بعد شيء، فلما رأوا ذلك الظاهرية الذى وثبوا مع المماليك الجلبان تسحبوا من الرملة وقد اشتد الحر وتوجه كل أحد من المماليك إلى داره، وكان رأس الفتنة من المماليك الظاهرية يشبك من مهدى، وكان يومئذ جندياً من جملة المماليك السلطانية، فلما انفض الجمع قام السلطان من المقعد وطلع إلى القلعة، وقام الخليفة أيضاً وتوجه إلى داره وخمدت الفتنة، وكان الخليفة يظن أن هذه الحركة يحصل له فيها نفع كما حصل له في حركة الملك المنصور مع الأشرف


(١) لعبة الكرة أو الأكرة أو الجوكان = البولو Polo. وقد شغف بها الكثيرون من سلاطين الماليك وأمرائهم، فأنشأوا لها ميادين اللعب، ووضعوا نظاما خاصا وأوقات وحفلات تلعب فيها، وجهزوا لها الخيول الأصيلة والأدوات اللازمة للعب، وعينوا موظفين من المماليك يشرفون عليها ويسمى الواحد منهم جو كندار أو جوكان دار وهو الذي «يحمل الجوكان وهى عصا مدهونة طولها نحوا من أربعة أذرع وبرأسها خشبة مخروطة محدودية تنيف عن نصف ذراع»
انظر ما كتب عن هذه اللعبة وتاريخها والمراجع المذكورة فى: Sultans Mamlouks، I، ٢، p. ١٢١ - ١٣٢.
(٢) أى بيت قوصون.

<<  <  ج: ص:  >  >>