للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الرملة، فقويت شوكة قايتباي واجتمع معه طائفة الظاهرية والأشرفية والأينالية فراج أمره، فلما طلعوا إلى الرملة برز يشبك من مهدي كاشف الوجه القبلى مع جماعة من العسكر فملكوا باب السلسلة من غير مانع وسلم المدرج وباب الميدان.

فبينما خاير بك في أمره ونهيه فبلغه ما وقع لقايتباي وأن العسكر قد التف عليه وترشح أمره إلى السلطنة، فاضطربت أحواله وضاق الأمر عليه، فعند ذلك أخرج الظاهر تمر بغا من المخبأة التي تحت الخرجاة وأجلسه على مرتبته وأعاد إليه النمجاة والترس، ثم انبطح بين يديه وقال: قم اقتلني بيدك فإنى كنت باغياً عليك، فقال له الظاهر تمر بغا: طمن خاطرك يا أمير دوادار لا أنا ولا أنت بقى لنا إقامة وإن السلطنة لقايتباي.

فلما طلع النهار وأشرقت شمس يوم الإثنين انكسرت الخشقدمية، فطلع يشبك من مهدى وتمراز الشمسى إلى القلعة، فقبضوا على الظاهر تمر بغا وأدخلوه قاعة البحرة، ثم قبضوا على خاير بك وابن العيني وقيدوهما في الحال وأدخلوهما في الركبخاناه التي تحت القصر وترسم عليهما قرقماس الصغير الأينالى، وأدخلوا معهما عبد الكريم مهتار الطشتخاناه الذي كان تخدمة الظاهر خشقدم، ثم طلع الأتابكى قايتباى إلى باب السلسلة وجلس بالمقعد وأشرف على السلطنة. وانحل أمر الخشقدمية وزالت دولة الظاهر تمر بغا كأنها لم تكن، فكانت مدة إقامته في السلطنة بالديار المصرية ثمانية وخمسون يوماً لا غير إلى يوم خلعه من السلطنة، فكان كما قيل:

لم استتم عناقه لقدومه … حتى ابتدأت عناقه لوداعه

فكان كما يقال في المعنى:

قليل الحظ ليس له دواء … ولو كان المسيح له طبيب

ولم يعلم من ملوك الترك من خلع فى هذه المدة اليسيرة سوى الظاهر يلباى وتمر بغا. - وكان الظاهر تمر بغا وافر العقل، كامل الهيئة، كفواً للسلطنة، عارفاً بأنواع الفروسية، اجتمع فيه أشياء كثيرة من الفضائل والمحاسن،

<<  <  ج: ص:  >  >>