للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قرره في الوزارة، فلما تولى الوزارة جاء فيها على الوضع ولبس الخف والمهاميز والطوق وسكن فى بيت الوزراء الذي ببركة الرطلي ودقت على بابه الكوسات وهابته جميع الناس من المباشرين وغيرهم، وكان له بمصر حرمة وافرة وكلمة نافذة لا يقبل رسالة من أمير ولا قاض، وسلمه السلطان زين الدين الأستادار ليعاقبه ويستخلص منه الأموال، وفي مدة ولايته صادر جماعة من المباشرين والتجار، وكان يكبس البيوت على الناس في أيام النيل في بركة الرطلى فمن وجده بيسكر إن كان رئيساً صادره وسلب نعمته وإن كان غير ذلك أدبه، وكان يكره من يسكر مطلقاً، وجاء على الناس مجيئا فاحشا وهجوه الناس هجواً كثيراً، فمن ذلك قول بعض الشعراء:

قالوا البباى قد وزر … فقلت كلا لا وزر

الدهر كالدولاب لا … يدور إلا بالبقر

وفيه قيل أيضاً:

تجنب العلم والفضائل … ومل إلى الجهل ميل هايم

وكن حماراً مثل البباى … فالسعد في طالع البهايم

واستمر على هذا الظلم والعسف حتى أغرقه الله تعالى في ساعة واحدة كما سيأتى الكلام على ذلك. - وفى هذا الشهر حضر الأمراء، الذين توجهوا إلى قبرس (١)، من غير إذن من السلطان فشق ذلك عليه وأخذ في أسباب عمارة مراكب (٢) وخروج تجريدة ثانية.

وفي ربيع الآخر قرر دمرداش في نيابة طرسوس (٣)، عوضاً عن جانى بك الحكمي. - وفيه أخلع على برد بك البجمقدار وقرر في نيابة حلب عوضاً عن جاني بك التاجي (٤).


(١) انظر النجوم الزاهرة ص ٧٢٤ و ٧٢٥، وحوادث الدهور ص ٤٥٠.
(٢) يقول في حوادث الدهور ص ٤٥٠ أن السلطان خلع على برسباي قرا الظاهري المحمدى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة باستقراره شاد عمائر مراكب الغزاة، وقد بدأ في عمارتها بساحل بولاق عند فم الخور في أوائل جمادى الأولى.
(٣) في يوم الإثنين ٢٩ منه - حوادث الدهور ص ٧٥.
(٤) انظر النجوم الزاهرة ص ٧٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>