للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليك مع القيام بأمر الله، وما استرعاك الله من رعيته، فإنك المسؤول عنهم، صغيرهم وكبيرهم، وقد قال النبي :

"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وروى في بعض الحديث: "أنه يؤتى بالوالى ويده مغلولة إلى عنقه فلا يفك عنه إلا العدل".

وكان عمر بن الخطاب يقول: "والله لو هلكت سخلة (٢٣٨) بشط الفرات ضياعا لكنت أرى أن الله تعالى سائل عنها عمر".

وحج عشر سنين، وبلغني أنه كان ما ينفق في حجته إلا اثنى عشر دينارا، وكان ينزل في ظل الشجر، ويحمل على عنقه الدرة، ويدور في الأسواق يسأل عن أخبار من حضره وغاب عنه.

ولقد بلغني أنه، وقت أصيب، حضر أصحاب النبي فأثنوا عليه، فقال لهم: المغرور من غررتموه، لو أن لي ما على وجه الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع.

فعمر ، كان مسددا موفقا * مع ما قد شهد له النبي بالجنة، ثم مع هذا خائف لما تقلد من أمور المسلمين، فكيف بمن قد علمت؟ فعليك بما يقربك إلى الله، وينجيك منه غدا، واحذر يوما لا ينجيك فيه إلا عملك، ويكون لك أسوة بمن قد مضى من سلفك، وعليك بتقوى الله، نقدمه حيث هممت، وتطلع فيما كتبت به إليك في أوقاتك كلها، وخذ نفسك بتعاهدها، والأخذ به، والتأديب عليه، وسل الله التوفيق والرشاد إن شاء الله تعالى".

- * -

قال عبد الله بن مسلم الخياط: لما قدم الرشيد، لبست ثيابي وغدوت على مالك، فقلت: يتوكأ على، فأصيب بسببه من أمير المؤمنين مالا، فغدا مالك متكئا على يد ابنه يحيى، فأجاز مالكا بأربعة آلاف دينار، وأجاز ابنه بخمسمائة، وجاءته من الرشيد صلة.

- * -


(٢٣٨) السخلة بفتح السين وسكون الخاء: ولد الضأن والمعز حين يولد.