للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبو صالح يقدمه على نفسه، ثم انفرد" (٥٥٩) بعد موت أبي صالح سنين عدة، فلم يشاركه أحد فى الرياسة والقيام بالفتيا، إلى أن جرت له قصة مع بعض الناس فى مجلس بعض الحكام، وقد قام عنه مغضبا "فحبس" (٥٦٠) فجفا عليه الحاكم، وقال: نستغنى عنه (٥٦١).

فقال ابن لبابة: مثلك استغنى عن مثلي!

فحلف ألا يحضر الشورى أبدا، ولا يشير على حاكم في خصومة، ولزم بيته، فكان الحكام يشاورونه بالتدسيس اليه (٥٦٢). ولا يعرف أن فيها خصومة، إلى أن مات .

قال ابن أبي دليم: لم تكن له رحلة، وكان ممن برع في الحفظ للرأى، ودارت عليه الأحكام نحوا من ستين سنة وناظر قاسم بن محمد.

قال القاضى أبو الوليد الباجي: محمد بن عمر بن لبابة فقيه الأندلس.

قال الصدفي: كان محمد بن لبابة من أهل الحفظ للفقه والفهم به، أفقه الناس، وأعرفهم باختلاف أصحاب مالك وغيره، وشاهد القضايا والأحكام، مع تمييز وادراك لم يكن لأحد ممن رأينا وشاهدنا، مع نزاهة نفس وتعاون، ومروءة كاملة، وديانة، وتلاوة للقرآن، وحفظ للشعر، وفصاحة، وأخلاق حسنة، وتقشف في ملبسه، وتواضع، وكان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة.

وذكره ابن حارث وصاحبه أبا صالح فقال: * كانا في وقتهما شيخى البلد وعظيميه، علما وفهما، مع السن والجلالة، والفقه الجيد، والقريحة التامة، والنهوض التام بالدقائق والجلائل من صنعة العلم، مع كثرة الدراية، وطول المدارسة، وقديم المعاناة، والرسوخ الكامل فى مذهب الرأى وطريق الفتيا.


(٥٥٩) ما بين قوسين ساقط من نسخة م.
(٥٦٠) كلمة "فحبس" ساقطة من نسخة م ثابتة في نسختى أ ط.
(٥٦١) ط: لا نستغنى عنه - م: لا يستغنى عنه - أ: سنستغنى عنه.
(٥٦٢) ا ط: بالتدسيس اليه - م: بالارسال اليه.