للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المختار) ثم ذكر الدعاء المشهور: اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك. . . الخ.

جوابه: إن هذا الدعاء لا بأس به ولا دلالة على السؤال بذوات الأنبياء والأولياء حيث لم يقل أسألك بحق الأنبياء والصالحين أو بجاههم ومنزلتهم، وإنما سأل بحق السائلين، والمراد ما جعله حقا على نفسه لكل من سأله ودعاه بقوله:

{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (١) فكل من سأل الله فله حق الإجابة مع أنه حق تفضل وامتنان وكرم وليس حق وجوب كما اعترف بذلك هذا الكاتب واستدل بقوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) وكقوله: {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} (٣) وكحديث معاذ: «حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (٤)» فحق السائلين عليه أن يجيبهم كما وعدهم، وهو حق أوجبه على نفسه، فسؤال الله تعالى بهذا الحق سؤال له بأفعاله لا بذوات السائلين، وإنما هو كقوله في الدعاء الآخر «أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك (٥)»، فالاستعاذة بمعافاته التي هي فعله كالسؤال بحق السائلين الذي هو إثابتهم وهو من فعله تعالى.

ثم قال الكاتب في السطر الثاني من الصفحة الأخيرة

فمن اتخذ إمامه النجدي ابن عبد الوهاب كانت آخرته هباب؛ لأنه استحل دماء المسلمين وأموالهم بشبه واهية لا تبرر موقفه من الله، قام بحروب دامية ذهب ضحيتها أرواح طاهرة. . الخ.

أقول: لقد أخطأ هذا الكاتب، فالشيخ محمد - رحمه الله - هو إمام وقدوة في تجديد التوحيد وعلم يهتدى به في هذا الباب فتح الله على قلبه ونور بصيرته فتفطن لما فيه الناس - في زمانه - من الانهماك في الشرور والتقرب إلى أرباب


(١) سورة غافر الآية ٦٠
(٢) سورة الروم الآية ٤٧
(٣) سورة التوبة الآية ١١١
(٤) رواه مسلم ١/ ٢٣٢ عن معاذ رضي الله عنه.
(٥) رواه مسلم ٤/ ٢٠٣ وغيره عن عائشة رضي الله عنها.