للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (١)» وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (٢) الآية. . الخ.

جوابه أن يقال أنت أيها القائل أولى بوصف الإجرام، حيث بالغت في نفي بعض صفات الله الكمالية التي أثبتها لنفسه، وحيث أجزت للناس دعاء غير الله والتوسل بذوات المخلوقين الذي هو وسيلة إلى الإشراك بالله، وحيث روجت تلك الأكاذيب على أهل الجهل وضعفاء البصائر لتوقعهم في الضلال، وحيث ظلمت أهل العلم والدين ورميتهم بما هم بريئون منه من الإجرام والزندقة والتشبيه فأنت أولى بهذه الأوصاف، وقد ذكرنا سابقا قول النبي صلى الله عليه وسلم «من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه (٣)»

أي رجع عليه تكفيره أو رميه للأبرياء بالإجرام والزندقة، فأما الآية الكريمة فقد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعرف معناها ولم يتوقف عن الغزو والقتال للكفار وبعث السرايا والجيوش لقتال المشركين وتوصيتهم بالدعوة ثم القتال، كما في حديث بريدة من قوله: «فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك لها فاقبل منهم وكف عنهم (٤)». فذكر الإسلام ثم الجزية ثم قال: «فإن هم أبوا فاستعن بالله قاتلهم (٥)» وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} (٦) وقال تعالى: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (٧) فالقتال إلى أن يحصل الإسلام هو إكراه على الدين، فعلى هذا فالآية منسوخة بآيات القتال العام للمشركين، أو خاصة بأهل الكتاب الذين يبقون على دينهم مع بذل الجزية ولا يكرهون على الدين، أو خاصة بمن نزلت فيه من أولاد الأنصار الذين تهودوا أو تنصروا فمنع الله أولياءهم من إكراههم على الدخول


(١) رواه مسلم ٢/ ٤٤ عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(٢) سورة النساء الآية ٩٣
(٣) رواه مسلم ٢/ ٤٩ عن أبي ذر رضي الله عنه.
(٤) صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٣١)، سنن الترمذي السير (١٦١٧)، سنن أبو داود الجهاد (٢٦١٢)، سنن ابن ماجه الجهاد (٢٨٥٨)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٥٨).
(٥) رواه مسلم ١٢/ ٣٧ عن بريدة رضي الله عنه.
(٦) سورة التوبة الآية ١٢٣
(٧) سورة الفتح الآية ١٦