للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتراض وجوابه.

اعتراض: فإن قيل: إن الله تعالى أقسم بالمخلوقات في القرآن.

الجواب: قيل: ذلك يختص بالله سبحانه وتعالى، فإنه - سبحانه - يقسم بما يقسم به من مخلوقاته لأنها آياته ومخلوقاته، فهي دليل على ربوبيته وألوهيته ووحدانيته وعلمه وقدرته، ومشيئته، وغير ذلك من صفات كماله، فهو سبحانه يقسم بها لأن إقسامه بها تعظيم له سبحانه وتنبيه على شرفه، وأما نحن المخلوقين فليس لنا أن نقسم بها بالنص والإجماع كما سبق ذكره (١) آنفا، بل ذلك شرك منهي عنه، وإنا نقسم به سبحانه وتعالى وحده، فيجب علينا التسليم والإذعان لما جاء من عنده سبحانه وتعالى.

أضف إلى ذلك أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهى به غيره (٢).

اعتراض: وإن قيل: قد جاء في الحديث: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي الذي سأله عن أمور الإسلام، فأخبره، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أفلح وأبيه إن صدق (٣)» «وقال للذي سأله عن أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال:


(١) في الأدلة الدالة على تحريم الحلف بغير الله.
(٢) انظر: الفتاوى جـ ١ ص ٢٩٠، وشرح صحيح مسلم للإمام النووي جـ ١١ ص ١٠٥.
(٣) رواه مسلم عن طلحة بن عبيد الله في كتاب الإيمان باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام جـ ١ ص ١٦٨، وأخرجه أبو داود عن طلحة بن عبيد الله برقم ٣٩٢ في الصلاة، وبرقم ٣٢٥٢ في الأيمان والنذور باب في كراهية الحلف بالآباء، وهو حديث صحيح. انظر: جامع الأصول حديث ٧، وحديث ٩٢٧٩.