للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عُبَيْدٍ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ يُلْقي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَالَ: «يا أيها الناس إنكم تتأولون» هذِهِ الْآيَةَ هذَا التَّأْوِيلَ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرَا: إِنَّ أَموَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ وَإِنَّ اللَّهَ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ يَرُدُّ عَلَيْنَا قَوْلَنَا ﴿وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الْإِقَامَةَ عَلَى الْأَمْوَالِ وَإِصْلَاحِهَا وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ، فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصاً فِي سَبِيلِ الله حَتَّى اسْتُشْهِدَ وَدُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ (١). رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ (٢).

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ﴿فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ﴾ فَقَالَ: حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هذَا (٣) أَمَا تَجِدُ شَاةً؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَاحْلِقْ رَأْسَكَ». فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ.


(١) فلما حدثهم أبو أيوب بهذا الحديث هامت نفسه للجهاد في سبيل الله وصبت روحه للقاء الله فما زال واقفا في صف القتال حتى فاضت روحه إلى لقاء الله تعالى ودفن هناك بأرض الروم وحشرنا في زمرته آمين.
(٢) فمن كان منكم مريضًا ولبس ملابسه العادية في الإحرام أو به أذى في رأسه كقمل فحلق رأسه فعليه فدية وهي صيام ثلاثة أيام أو صدقة على ستة مساكين أو ذبح شاة للفقراء.
(٣) ما كنت أرى بفتح الهمزة بمعنى أعلم وبضمها بمعنى أظن أن الجهد أي الشقة قد وصلت بك إلى هذا الحد وأمره بالحلق والفدية تخفيفا عليه كما في الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>