كما يفهم هذا من ترجيح ابن جرير (٨/ ٤١٨ - ٤١٩) الآتي عند حديثه عن المعنيِّ بالآية، واختياره أنه عبد الله بن صوريا. [٢٠٨٤] أفادت الآثار اختلاف أهل التأويل فيمن عُني بهذه الآية على أربعة أقوال: أولها: أنها نزلت في أبي لُبابة بن عبد المنذر، بقوله لبني قريظة حين حاصرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنما هو الذَّبح، فلا تنزلوا على حكم سعد. ثانيها: أنها نزلت في رجل من اليهود سأل رجلًا من المسلمين يسألُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حُكمه في قتِيلٍ قتله. ثالثها: أنها نزلت في عبد الله بن صوريا، وذلك أنه ارتدَّ بعد إسلامه. رابعها: عُني بذلك المنافقون. ورجَّحَ ابنُ جرير (٨/ ٤١٨ - ٤١٩) القولَ الثالث مستندًا إلى رواية الصحابة له، فقال: «وأَوْلى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يُقال: عني بقوله: {لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم} قومٌ من المنافقين، وجائزٌ أن يكون كان مِمَّن دخل في هذه الآية ابنُ صوريا، وجائز أن يكون أبو لبابة، وجائز أن يكون غيرُهما، غير أن أثبت شيء روي في ذلك ما ذكرناه من الرواية قبلُ عن أبي هريرة والبراء بن عازب؛ لأنّ ذلك عن رجلين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإذا كان ذلك كذلك كان الصحيحُ من القول فيه أن يُقال: عُنِي به: عبد الله بن صوريا. وإذا صحّ ذلك كان تأويل الآية: يا أيُّها الرسول، لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوّتك والتكذيبِ بأنك لي نبي، من الذين قالوا: صدَّقنا بك يا محمد أنك لله رسول مبعوث، وعلمنا بذلك يقينًا، بوجودنا صِفَتك في كتابنا. وذلك أنّ في حديث أبي هريرة الذي رواه ابن إسحاق =