أن يرعاه وينفق عليه وحينئذ فصيرورة الأمر إليه في اختيار القصاص أو الدية أو العفو يعطيه فرصة يتمكن خلالها من موازنة أموره واختيار ما يناسبه.
هـ- المصالحة على الدم:
أجاز الفقهاء أن يصطلح القاتل وأولياء المقتول عن القصاص على مال أخذه في مقابل دم وليه، فإذا اصطلحا سقط القصاص ووجب المال المسمى مالا، قليلا أو كثيرا زائدا على مقدار الدية١؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} .
قال ابن عباس والحسن والضحاك ومجاهد: نزلت الآية في الصلح، وهو موافق للام، فإن عفا إذا استعمل باللام كان معناه البدل، أي: فمن أعطى من جهة أخيه المقتول شيئا من المال بطريق الصلح فاتباع بالمعروف، أي: فمن أعطى -وهو ولي القتل- مطالبة ببدل الصلح عن مجاملة وحسن معاملة؟؟؟ ١، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: إن شاءوا قادوا وإن شاءوا أخذوا الدية"، وقد فسروه بأن أخذ المال إنما يكون برضا القاتل، ولأنه حق ثابت للورثة يجري فيه الإسقاط عفوا، وكذا تعويضا لاشتماله على إحسان الأولياء وإحياء القاتل، فيجوز بالتراضي القليل والكثير فيه سواء؛ لأنه ليس فيه نص مقدر فيفوض إلى اصطلاحهما الخلع وغيره.
١ العناية هامش فتح القدير ج٨، ص٢٧٥، الزيلعي ج٦، ص١١٢. وراجع للمالكية الشرح الكبير ج٤، ص٢٤٠.