للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ، فإنما جاء النص على الصدقة بالجروح لا النفس١.

وأما قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} فذلك إنما هو فيما دون النفس، لا في النفس؛ لأن المخاطب فيها بأن يعاقب بمثل ما عوقب به هو الشخص الذي عوقب نفسه، وليس في الآية جواز العفو عن النفس أصلا، وإنما فيها جواز العفو عن أن يعاقب بمثل ما عوقب به فقط.

وأما قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} فهي عامة يدخل فيها العفو عن النفس وما دونها وعفو المجني عليه وعفو الولي أيضا.

وأما حديث عروة بن مسعود "ض" فإنما قام يدعو قومه إلى الإسلام وهم كفار حربيون، فرموه فقتلوه، ولا خلاف بين أحد من الأمة في أنه لا قود على قاتله إذا أسلم ولا دية.

وأما حديث عدي بن ثابت فضعيف، وكذا ما روي عن ابن عمر٢.

القياس: ويستدل لهذا الرأي أيضا بالقياس وقد بينا آنفا وجهه٣.

ويضاف إلى ما تقدم أنه من ناحية النظر إلى أولياء الدم وتحقيق المصلحة لهم، فإن القول بأن عفو المجني عليه لا يسقط حقهم في القصاص أو الدية يهدئ من ثائرتهم ويطفئ ثأر العداوة التي تتأجج بعد موت المجني عليه بين أسرة الجاني وبينهم، فضلا عن أن ولي الدم قد يتأثر بموت المجني عليه الذي


١ المحلى لابن حزم ج١٠، ص٤٨٧.
٢ نفس المرجع.
٣ ص١٦١.

<<  <   >  >>