في القتل فمن الباطل المتيقن أن يجوز للمقتول حكم في إبطال السلطان الذي جعله الله تعالى لوليه، ومن الباطل البحت إنفاذ حكم المقتول فيما يخالف حكم الله تعالى.
وأما السنة فقد سبق أن بينا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل الخيار لأهل المقتول في القود أو الدية أو العفو١، وهذا يثبت أيضا أنه لا يصلح للمقتول أن يبطل الخيار الذي جعله الله ورسوله لأهله بعد موته.
ثم قال ابن حزم: ولم يأتِ قط نص من الله تعالى ولا من رسوله -صلى الله عليه وسلم- على أن للمقتول سلطانا في القود في نفسه، ولا أن له خيارا في دية أو قود، وبهذا يكون قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} إنما هو فيما جنى عليه فيما دون النفس، وفيما عفا عنه من جعل الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- العفو إليه، وهم الأهل بعد موت المقتول.
وبرهان آخر: أن الدية عوض عن القود بلا شك في العمد، وعوض عن النفس في الخطأ بيقين، ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن المقتول ما دام حيا فليس له الحق في القود، فإذ لا حق له في ذلك فلا عفو له ولا أمر فيما لا حق له فيه، وكذلك من لم تذهب نفسه بعد؛ لأن الدية في الخطأ عوض عنها، فلم يجب له بعد شيء، فلا حق له فيما لم يجب بعد.
أما قوله تعالى:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} فإنه جاء بعد قوله تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} ، وهذا كله كلام مبتدأ بعد تمام قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ