للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٣٥٨ - فإذا تمهدت هذه القواعد، انعطفنا على الأمان بالإشارة، لنذكر مسائل كانت تستدعي تقديم ما قدّمناه.

فلو أشار مسلم في الصف إلى كافرٍ، فانحاز ذلك الكافر إلى المسلمين؛ معوّلاً على إشارته، فإن قال المشير: أردت الأمان، وقال الكافر: فهمتُ الأمان، فهذا كافر مستأمن لا يُتعرض له.

ولو قال: ما أردتُ الأمان، وقال الكافر: ما فهمت الأمان، فهو كافر وقع في قبضتنا بلا أمان، فنقتله أو نسترقه.

وإن قال المسلم: ما أردت الأمان، وقال الكافر: فهمت الأمان، بلغ المأمن، ولم نتعرّض له، فإن قال المسلم: أردت الأمان، وقال الكافر: ما فهمت الأمان، فهذا في حكم أمانٍ غير مقبول، وقد ذكرنا أنه لا يصح، فيقتل أو يفعل به ما يفعل [بالأسراء] (١).

هذا ما ينعقد به الأمان مع ما يتصل به.

١١٣٥٩ - فإن قيل: جوّزتم لآحاد المسلمين أن يؤمنوا آحاد الكفار، فما قولكم فيه إذا وقع في الأسر كافر أو كفار، فأراد بعض الغانمين أن يمنن على بعض الأسارى؟ قلنا: لا سبيل إلى ذلك. والفرق بين المنّ والأمان أن المن يجري بعد تعلّق الحقوق بالأسرى، فلا ينفذ التصرف فيه إلا من ذي أمر، وهو الإمام، أو المستند إليه، والكافر [المؤمَّن] (٢) الحربي لم يتعلّق به حق لمستحق.

فإن دخل بلاد الحرب طائفةٌ، وغنموا وأسروا، ثم إنهم أرادوا المن على الأسرى، قلنا: ليس لهم ذلك، فإن الإمام قد يرى إرقاقهم، [كما] (٣) يتعلق برقابهم [حق] (٤) الخمس. وهذا يعارضه أن الإمام إذا [من] (٥)، فقد أبطل حقوق الغانمين،


(١) في الأصل: " الأمراء ".
(٢) مكان بياضٍ قدر كلمة.
(٣) زيادة لاستقامة العبارة.
(٤) في الأصل: " حتى ". والمثبت تقدير من المحقق.
(٥) في الأصل: " أمن ".