للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقول: يتعين على العبد الكائن في الناحية أن يستفرغ وُسعه في الذَّب.

ومما تجب الإحاطة به في تحقيق الأمان أن الكافر يستفيد أماناً من المسلم الذي أمَّنه، وأَمَنة المسلم أيضاً. والأمان نقيض الإرهاب بالقتال، ولو ترك القتال -إذا لم يكن متعيناً-[فالحاجات] (١) تمس إلى التردّدات في أقطار ديار الكفار إلى الأمان. ثم إذا انتظم الأمان، اقتضى ذلك العموم، فإن من يحرم على مسلم قتله، فالمسلمون أجمعون بمثابته، والمحجور عليه لسفه كالمطلق. والمجنون ليس من أهل الحل والعقد، والذي قطع به الأئمة أن الصبيّ كالمجنون في أنه لا يصح منه عقد الأمان.

وذكر بعض المصنفين أن الأمان يصح [من] (٢) الصبي المميّز؛ فإنه لا ضرار فيه، ولا تبعة، فكان كالوصية والتدبير، وهذا بعيدٌ لا أصل له.

والمرأة كالرجل في صحة الأمان، فإنها على الجملة -وإن كانت لا تقاتل- من أهل إعانة الرجال على القتال بالرأي والمال. وكذلك القول في الزَّمْنى والشيوخ. وقد أجارت زينب زوجَها أبا العاص، وذكرت ذلك لما تحلل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح، فقال صلى الله عليه وسلم: " أجرنا من أجرت " (٣). هذا تمام القول فيمن يكون من أهل الأمان.

١١٣٥٥ - فأما حكم الأمان، فالذي انعقد له الأمان لا يُتعرض له، وللمال الذي معه، وأما أمواله الغائبة عنه، فمطلق الأمان لا يتضمن عصمتَها، فتغنم حيث تصادَف، وأما الأموال التي معه، فإن جرى لها تعرّض في الأمان، اشتمل عليها الأمان، وإن لم يجر لها تعرّض، وإنما قال المسلم: أمنتك، فالرأي الظاهر اختصاص الأمان بحقن دمه وعصمة رقبته من السبي، والأسر. وليس هذا كعقد


(١) في الأصل: " والحاجات ".
(٢) في الأصل: " في ".
(٣) حديث إجارة زينب لزوجها العاص بن الربيع رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها (ر. المسند: ٦/ ٢٧٦. أبو داود: الجهاد، باب في فداء الأسير بالمال، ح ٢٩٦٢، الحاكم ٣/ ٢٣٦، البيهفي: ٦/ ٣٢٢، التلخيص: ٤/ ٢٠٣ ح ٢٢٤٤). وقد حسنه الألباني في الإرواء: ٥/ ٤٣ ح ١٢١٦.