للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاتصال بهذا- والنكاح مؤبدٌ، فإن ردّ السائل سؤاله إلى أنه هل يجوز سبي زوجة المسلم على الاتصال بالنكاح؟ أم تترك ولا تسبى إلى المدة التي يجوز امتداد الأمان إليها؟ قلنا: لا سبيل إلى هذا التفصيل؛ فإن من ينكح زوجة ليس يبغي عقد الأمان لها، وإنما يبغي له منكوحة أبداً، وليس في نكاحه إياها أمان إلى أمدٍ مع مزيد، بل القصد في النكاح على نسقٍ واحد، فإذا كان لا يمتنع السبي بعد مدة، فلا يمتنع السبي على الاتصال، وقد انتجز الغرض من الفصل.

فصل

قال: " وإذا أمّنهم مسلم حُرّ بالغ ... إلى آخره " (١).

١١٣٥٤ - الأمان نوعان: عام وخاص، والعام منه يختص بالولاة، وهو عقد الأمان لأهل بلدةٍ، أو ناحيةٍ، وسيأتي تفصيل ذلك في الباب المعقود لعقد المهادنات، إن شاء الله تعالى.

وأما الأمان الخاص، فمعناه عقد الأمان لشخص أو أشخاصٍ معدودين على ما سنقرر -إن شاء الله تعالى- في ذلك ضبطاً. وهذا مقصود الفصل، فنذكر من يصح أمانه، ثم نذكر حكمَ الأمان، ثم نذكر ما يحصل به الأمان، ثم نذكر أمد الأمان.

فأما من يصحّ منه عقد الأمان، فهو المسلم المكلف، فالإسلام لا بدّ منه لينفذ تصرّفه على المسلمين. والمكلف ذكرناه لتصحيح العبارة (٢)، ويصحّ الأمان من العبد المسلم، سواء أذن له مولاه أو لم يأذن، ومعتمد المذهب الذي عليه تنشأ المسائل والتفاريع أن [من] (٣) كان من أهل الذب عن الإسلام بالقتال، فهو من أهل الأمان، إذا صحت عبارته، أو نفذت إشارته، والعبد من أهل القتال، ولكنه مستوعَب المنافع لحق المولى، ولو استمكن من تردية كافرٍ من شاهق في أثناء تردداته في مآرب السيد وحاجاته، فلا حرج عليه، وإذا وطىء الكفار بلاد الإسلام، فقد


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٨٧.
(٢) المعنى أن غير المكلف لا تصح عبارته.
(٣) ساقطة من الأصل.