للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المصرِّيْنَ على الكفر بالأموات، ومبالغة في إقناطه عنهم (١).

* * *

(٢٣) - ﴿أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾.

ثمَّ قالَ: ﴿أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾؛ أي: لسْتَ بمسمعٍ؛ فإنَّ الإسماعَ ليسَ إليك، ولا حيلةَ لك في إسماع المطبوع على قلوبهم، ما عليك إلا الإنذار.

* * *

(٢٤) - ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾.

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ حالٌ مِن أحد الضَّميرَيْنِ؛ أي: محقِّين، أو محقًّا، أو صفةُ مصدر محذوف؛ أي: إرسالاً مصحوباً بالحقِّ، أو صلةٌ لقوله:

﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾؛ أي: بشيراً بالوعد الحقِّ، ونذيراً بالوعيد الحقِّ.

﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ﴾ الأمَّةُ: الجماعةُ الكثيرةُ، والمراد هنا: أهل عصرٍ.

﴿إِلَّا خَلَا﴾ (٢): مَضى ﴿فِيهَا نَذِيرٌ﴾ مِن نبيٍّ، أو عالمٍ قائمٍ مقامَه في الإنذارِ.

وإنَّما خصَّه بالذِّكر لأنَّ البشارة إنَّما تكون بالسَّمع، فهي مِن خصائص الأنبياء، فالبشير لا يكون إلَّا نبيًّا، أو ناقلاً عنه، بخلاف الإنذار فإنَّه كما يكون بالسَّمع يكون بالعقل، فلذلك وُجِدَ الثَّاني في كلِّ أمَّةٍ دون الأوَّل، ولا يُشكل هذا بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [سبأ: ٤٤]؛ لأنَّ المراد مِن النَّذير فيه: النذَّيرُ بالسَّمع.


(١) في (ف): "إقناعهم". وعند البيضاوي: (إقناطه منهم).
(٢) من قوله: "أي: بشيراً بالوعد الحقِّ .. " إلى هنا سقط من (م) و (ي) و (ع).