للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكرَّر ﴿وَلَا﴾ فيما كرَّر لتأكيد المنافاة، فـ ﴿الظُّلُمَاتُ﴾ تنافي ﴿النُّورُ﴾، و ﴿الظِّلُّ﴾ ينافي ﴿الْحَرُورُ﴾، و ﴿الْأَعْمَى﴾ لا ينافي ﴿وَالْبَصِيرُ﴾، إنَّما المنافاة بين الوصفَيْنِ، ولذلك يكون الشَّخصُ الواحد بصيراً في وقتٍ وأعمًى (١) في وقتٍ آخرَ، ولهذا (٢) لم يذكر (لا) بينهما.

* * *

(٢٢) - ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾.

﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ مثلٌ للعقلاءِ الذين دخلوا في الإسلامِ، والجهَّال الذين لم يدخلوا فيه وأصرُّوا على الكفر.

آثر صيغةَ الجمع هنا لأنَّه أرادَ نفيَ المساواة بين الأفراد؛ أي: ليس في جنس الأموات فردٌ يساوي فرداً من جنس الأحياء، ولا صحَّة لهذا المعنى في الأعمى والبصير؛ فإنَّه قد يوجد في جنس الأعمى ما يساوي بعضَ أفراد البصير، بل يَفضُلُ عليه، فلذلك آثر فيه (٣) صيغة الإفراد تفضيلاً للجنسِ على الجنسِ.

﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ﴾ هدايتَه، فيوفِّقه لفهم آياته والاتِّعاظِ بعظاتِه. وبناء الفعل على الاسم يفيد أنَّك لا تُسمِعُ مَن تشاءُ.

﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ وما مَثلُكَ في إرادة إسلام مَن تشاءُ مِن قومٍ مخذولين إلَّا مَثلُ مَن يريد أن يُسمِعَ مَن في القبور، وهو ترشيحٌ لتمثيلِ


(١) في (ك): "أعمى".
(٢) في (ك) و (ي) و (ع): "فلهذا".
(٣) في (م): "عليه".