للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووُجِّهَ بوجوه:

فقيل: الحديث بمنزلة الخطبة كما تقدم، وقيل: لمجرد تصحيح نية القارئ، وقيل: تنبيه على أن المصنف راعى في الكتاب حسن نيته.

وأورد على الثلاثة المذكورة أنه كان حقه أن يقدم على الترجمة.

وأجيب: بأنه أَخَّرَ الحديث عن الوحي تنبيهًا على أن المنويَّ المذكورَ في الحديث هو الذي يعتبر عند الشارح، ومداره على الوحي، ووُجِّهَ اهتمامًا بشأن الآية.

وقيل: من الناسخين، وتعقب: بأن النُّسَخ متوافرة على ذلك.

ووُجِّهَ: بأن الحديث أيضًا من الوحي، وتعقب: بأن الباب بدء الوحي، فالأوجه في الجواب أن الترجمة بمدلول التزاميٍّ عظمة الوحي، وثبت بالوحي لخلوص نيته - صلى الله عليه وسلم - كما مرّ في الأصل الحادي والعشرين من الأصول السبعين.

وأجاد في "اللامع" (١) في بيان المناسبة، وبسط الكلام عليها.

وحاصلها: أن بعض الأعمال كثيرًا ما يترتب عليها بعض الفواضل، ويدلُّك عليه قولُه - عليه الصلاة والسلام -: "أسلمتَ على ما أسلفتَ من خير" (٢).

وعلى هذا فالحديث بيان لبدء الوحي، أن السبب في بدء الوحي إليه ما جُبِلَ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من إخلاص النية وخلوص النصيحة لله ربِّ العالمين، ولسائر خليقته، والتوجيه المذكور فيه مبني على أن لفظة "كيف" كما يسأل بها عن كيفية الشيء وصفته، فكذلك هي مسؤولة بها سببُ وجود الأمر وحدوثه، يقال: كيف جئتَ؟ والمقصود ليس هو استفسار كيفية مجيئه بل سبب إتيانه. . . إلى آخر ما بسط في "اللامع" (٣).


(١) انظر: "لامع الدراري" (١/ ٤٩٣).
(٢) أخرجه مسلم (ح: ١٩٤).
(٣) انظر: "لامع الدراري" (١/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>