للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال محمد بن إسماعيل التيمي: لما كان الكتاب معقودًا على أخبار النبي - عليه السلام - طلب المصنف تصديره بأول شأن الرسالة وهو الوحي، ولم ير أن يقدِّم عليه شيئًا لا خطبةً ولا غيرَها، بل أورد حديث: "إنما الأعمال بالنيات" بدل الخطبة.

وقال بعضهم: ولهذه النكتة اختار سياق هذه الطريق؛ لأنها تضمنت أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب بهذا الحديث على المنبر، فلما صلح أن يدخل في خطبة المنابر كان صالحًا أن يدخل في خطبة الدفاتر. ولكن تَعَقَّبَ على هذا التوجيه العينيُّ، فارجع إليه لو شئت.

وأيضًا ورد أنه - عليه السلام - خطب به حين قدم المدينة مهاجرًا، فناسب إيراده في بدء الوحي؛ لأن الأحوال التي كانت قبل الهجرة كانت كالمقدِّمة لها.

(سمعته يقول) أي: حال كونه يقول؛ لأن "سمعت" لا يتعدى إلى مفعولين، واختار الفارسي أن ما بعد "سمعت" إن كان مما يُسْمَعُ، كسمعتُ القرآن، تَعَدَّت إلى مفعول واحد، وإلا كما هنا تَعَدَّتْ إلى مفعولين، فجملة "يقول" على هذا مفعولٌ ثانٍ، انتهى مختصرًا من "القسطلاني" (١).

وقال القاري في "المرقاة" (٢): الأول قول الجمهور، انتهى.

(إنما الأعمال بالنيات): كذا ها هنا بمقابلة الجمع بالجمع، يعني كل عمل بنيته، وقال بعضهم: كأنه أشار إلى أن النية أيضًا تتنوع كما تتنوع الأعمال، كمن قصد بعمله وَجْهَ الله - عز وجل -، أو تحصيلَ موعوده، أو الاتقاءَ لوعيده، ووقع في معظم الروايات بإفراد النية.

ووجهه: أن النية فعل القلب وهو واحد، ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد، كذا في "الفتح" (٣)، ثم أورد على الإمام عدمُ المناسبة من بين الحديث والترجمة.


(١) انظر: "إرشاد الساري" (١/ ٨٩).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (١/ ١٨٨).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>