للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُمِلَ على التواتر المعنوي فيُحتمل، نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد. . . إلى آخر ما بسطه.

وقد نقل المنذري في "الترغيب" (١) عن بعض المتأخرين تواتُرَه ثم ردَّه، وزعم أبو عبد الله الأُبيُّ أن ابن الصلاح ادعى تواتره، وهذا وهمٌ، فإن ابن الصلاح ادعى انحصار المتواتر في حديث: "من كذب عليّ متعمدًا" كما ذكره الحافظُ ابن حجر (٢)، وتلميذه السخاوي (٣). وقال النووي في "شرح مسلم" (٤): قال الأئمة: ليس هو متواترًا وإن كان مشهورًا عند الخاصة والعامة؛ لأنه فقد شرط التواتر في أوله، انتهى.

ومن العجائب أن الحديث الأول من جامع البخاري على القول المشهور غريب كما رأيتَ، والحديث الآخر من الكتاب وهو: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن"، الحديث أيضًا غريب. كما ذكر في آخر هامش "اللامع" (٥): أن الحديث تفرد به محمد بن فضيل وشيخه وشيخ شيخه وصحابيه كما في "الفتح" (٦)، فلا يتوحش من ينظر كثيرًا بين سطور "الهداية" في الفقه الحنفي لفظ "قلت: غريب"؛ لأن الغرابة لا تستلزم الضعف، وإن كان الغريب قد يستعمل بمعنى الشاذ أيضًا، فتنبه لذلك.

(على المنبر) وُضِعَ سنة سبع أو ثمان، ورجّحه في "البذل"، وفيه أقوال عديدة: من الثانية إلى التاسعة، بسطت في هامشي على "البذل" (٧) وأكثر منها في رسالتي "الوقائع والدهور"، يقال: إن عمر - رضي الله عنه - لما ذكره في الخطبة كما يدل عليه لفظ "على المنبر" أقام الإمام البخاري الحديث مقام خطبة الكتاب.

قال العيني (٨) في بيان تعلق الحديث بالترجمة: الثالث: إنما أتى به على قصد الخطبة.


(١) "الترغيب" (١/ ٥٧).
(٢) انظر: "نزهة النظر" (ص ١٨).
(٣) انظر: "فتح المغيث" (٣/ ٣٩).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٧/ ٦٢).
(٥) "لامع الدراري" (١٠/ ٤٠٦).
(٦) "فتح الباري" (١٣/ ٥٤٠).
(٧) انظر: "بذل المجهود" (٥/ ٩٧).
(٨) "عمدة القاري" (١/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>