للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشهورون إلا "الموطأ"، ووهم من زعم أنه في "الموطأ" مغترًا بتخريج الشيخين له، والنسائي من طريق مالك.

وقال أبو جعفر الطبري: قد يكون هذا الحديث على طريقة بعض الناس مردودًا لكونه فردًا؛ لأنه لا يروى عن عمر إلا من رواية علقمة، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم، ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من رواية يحيى بن سعيد، وهو كما قال، فإنه إنما اشتهر عن يحيى بن سعيد وتفرَّد به مَن فوقه، وبذلك جزم الترمذي والنسائي وجماعة.

وأطلق الخطابي نفي الخلاف بين أهل الحديث في أنه لا يُعْرَف إلا بهذا الإسناد، وهو كما قال، لكن بقيدين:

أحدهما: الصحة؛ لأنه ورد من طرق معلولة ذكرها الدارقطني وغيره.

قلت: بسط العيني (١) في طرقها وأسماء الصحابة الذين روي عنهم هذا الحديث.

وتعقب السيوطي كلام الحافظ، إذ قال في شرح "الموطأ" (٢): في رواية محمد بن الحسن عن مالك، أحاديث يسيرة زائدة على سائر الموطآت، منها حديث الأعمال بالنيات، انتهى، كذا في "السعاية"، وهو كذلك، فالحديث في آخر "الموطأ" لمحمد في باب النوادر.

وما قال الحافظ: وهم من زعم. . . إلخ، أراد به الحافظ ابن دحية.

قال الحافظ (٣): ثانيهما - أي: ثاني القيدين -: السياق؛ لأنه ورد في معناه عدة أحاديث صحَّتْ في مطلق النية، كحديث: "يُبْعَثُون على نياتهم"، وحديث: "ولكن جهادٌ ونية"، وحديث: "رُبَّ قتيل بين الصفين، الله أعلم بنيته"، وحديث: "من غزا وهو لا ينوي إلا عقالًا فله ما نوى"، ذكر الحافظ تخريج هذه الروايات، ثم قال: وغير ذلك مما يتعسَّر حصرُه.

وعُرِفَ بهذا التقرير غلطُ من زعم أن حديث عمر - رضي الله عنه - متواتر، إلا إن


(١) انظر: "عمدة القاري" (١/ ٤٦).
(٢) "تنوير الحوالك" (١/ ١٠).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>