للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحكامه كان من هذا القبيل، ثم تغيرت شاكلته من زمن نوح، فنزلت الأحكام والشرائع، كما يعلم من التفاسير: أن الكفر إنما ظهر في السبط السادس من قابيل، وأول رسول بعثه الله لِزَهْقِه هو نوح - عليه الصلاة والسلام -، ولم يكن قبله كفرٌ، ومن هنا صار لقبه: "نبي الله"، فإنه أول نبي بُعِثَ لإزهاق الكفر، والناس كلهم الآن من نسلِه، فهو آدم الثاني، ومنه نشر العالم بعد لَفِّه، كذا ذكره المؤرخون، انتهى.

({وَالنَّبِيِّينَ}) والجمع المحلّى باللام يفيد الاستغراق، فأشار إلى أن جميع أنواع الوحي إلى جميع الأنبياء يوحى إليك.

(حدثنا الحميدي) مصنِّفٌ مشهور: أبو بكر عبد الله بن الزبير المكي القرشي (١)، بدأ المصنف بروايته لكونه قرشيًا، وقال عليه الصلاة والسلام: "قَدِّموا قريشًا" (٢) فبدأ به، أو لكونه مكيًّا وبدأ الوحي في مكة. وثَنّى برواية مالك؛ لأنه مدني، وثنَّى الوحي في المدينة، كذا في "الفتح" (٣).

ومن المناسبات في أول سند هذا الكتاب وآخر السند منه: أنهما مشتملان على مادة الحمد، فبدؤه من الحميدي، وانتهاؤه إلى أحمد بن إشكاب، فكأن فيه إشارةً إلى كون الابتداء والانتهاء محمودَيْنِ، وإشارةً إلى حسن نية المصنف في الأول والآخر، وقد يكون إشارةً إلى المداومة على الحمد ما ورد في آخر الحديث من قوله: "سبحان الله وبحمده"، فالإِنسان يحمده تعالى إلى أن يكون منتهاه الجنة التي دعوى أهلها: الحمد لله رب العالمين.


(١) انظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء" (١٠/ ٦١٦)، و"تهذيب التهذيب" (٥/ ٢١٤)، و"فتح الباري" (١/ ١٠)، و"عمدة القاري" (١/ ٤٢).
(٢) "مسند الإمام الشافعي" (١/ ٢٧٨)، (ح ١٣٥٤)، وقال الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٥١): وقد جمعتُ طرقَه في جزء كبير.
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>