٢- وخصوص حديث ابن عمر (سبق نصه تحت رقم٣ من الأحاديث) وفيه (أنهم كانوا يتباعون جزافًا بأعلى السوق، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه) .
٣- وحديث حكيم بن حزام (سبق تحت رقم٩) ، لأنه يعم كل مبيع.
كما أجابوا عن الحديثين اللذين استدل بهما أصحاب الرأي الأول، وهما حديث ابن عمر، وحديث جابر بأن التنصيص على كون الطعام المنهي عن بيعه مكيلًا أو موزونًا لا يستلزم عدم ثبوت الحكم في غيره.
نعم لو لم يوجد في الباب إلا الأحاديث التي فيها إطلاق لفظ الطعام لأمكن أن يقال: إنه يحمل المطلق على المقيد بالكيل والوزن، وأما بعد التصريح بالنهي عن بيع الجزاف قبل قبضه، كما في حديث ابن عمر، فيتحتم المصير إلى أن حكم الطعام متحد من غير فرق بين الجزاف وغيره.
الترجيح:
والراجح هو اشتراط قبض المبيع قبل بيعه- سواء كان – طعامًا أو غير طعام- مثليًّا أو قيميًّا، ربويًّا أو غير ربوي، منقولًا أو عقارًا.
وذلك لأن الأحاديث الواردة جاء بعضها عام في كل السلع مثل حديث حكيم بن حزام (رقم٩ المتقدم) ، وحديث زيد بن ثابت (رقم١٠ المتقدم) ، وما صرحت به بعض الأحاديث من ذكر الطعام، لا يدل على نفي الحكم عما عدا الطعام، فهو بعض أفراد العام الوارد في الأحاديث الأخرى، فهو تقرير لنفس الحكم الثابت فيها، نص عليه عناية به، ولعل ذلك لأن أكثر البيوع تكون في هذا المجال ...
كذلك فإن التصريح بالمكيل والموزون لا يدل على نفي الحكم عما عداهما، فهو ذكر لبعض أفراد ما أفادته الأحاديث التي أثبتت أنه يشترط القبض في بيع ما اشتراه الإنسان...
فهو ذكر لبعض أفراد العام، وذكر بعض أفراده في بعض الأحاديث لا ينفي الحكم عما عداه لأنه ثابت بالأحاديث التي أفادت عموم الحكم، وهو أنه يشترط قبض المبيع قبل بيعه.
وقد فهم هذا ابن عباس رضي الله عنه، فقال: بعد أن روي حديث: ((من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه، ولا أحسب كل شيء إلا مثله)) .
وأيضًا فإنه قد علل النهي عن بيع الشيء قبل قبضه بجانب ثبوت ذلك في الأحاديث بما أخرجه البخاري عن طاوس، قال: قلت لابن عباس: كيف ذاك؟ قال:(دراهم بدراهم، والطعام مرجأ) .