للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأي الثامن –القبض ليس شرطًا في بيع أي شيء، سواء كان طعام أو غير طعام، مثليًّا أو غير مثلي، منقولًا أو عقارًا: وهو رأي عثمان البتي، وهو رأي مردود، لأن الأحاديث الصحيحة تنقض هذا الرأي، فهو رأي في مقابل النص (ولا اجتهاد مع نص) ، ولعله لم تبلغه هذه الأحاديث، وقد روي عن أبي حنيفة- ومثله جميع الفقهاء- وقوله: (ليس لأحد أن يقول برأيه مع نص من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله، أو إجماع الأمة) .

وقد ثبت النص، فلا محيص من الأخذ به.

بيع الجزاف: وقبل أن نبين الراجح من هذه الآراء نورد فيما يلي آراء الفقهاء فيما إذا بيع الشيء جزاف (وهو ما لم يعلم قدره على التفصيل) قبل قبضه:

يرى الإمام مالك، أنه يجوز بيع الطعام –إذا بيع جزافًا- قبل قبضه- وأما غير الجزاف فلا يجوز- وبه قال الأوزاعي وإسحاق.

واحتجوا بأن الجزاف يرى، فيكفي فيه التخلية، والاستقباض إنما يكون شرط في المكيل والموزون بدليل الأحاديث التي صرحت بذلك، ومنها حديث ابن عمر فيما رواه أحمد: (من اشترى طعام بكيل أو وزن فلا يبيعه حتى يقبضه) (وتقدم رقم٩) .

وما رواه الدارقطني من حديث جابر ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري)) ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة، قال في الفتح بإسناد حسن.

قالوا وفي ذلك دليل على أن القبض إنما يكون شرطًا في المكيل والموزون دون الجزاف.

ويرى جمهور الفقهاء، أنه لا يجوز بيع الطعام قبل قبضه جزافًا كان أو غيره وهو رأي الحنفية، والشافعية، والحنابلة.

واحتجوا بما يأتي:

١- إطلاق أحاديث الباب، والتي أوردناها فيما تقدم فلم تفصل في الحكم بين الجزاف وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>