استفهم طاوس من ابن عباس عن سبب النهي فأجابه بأنه إذا باعه المشتري قبل القبض، وتأخر المبيع في يد البائع، فكأنه باع دراهم بدراهم.
ويبين ذلك ما أخرجه مسلم عن ابن عباس، أنه قال –لما سأله طاوس-: (ألا تراهم يبتاعون بالذهب والطعام مرجأ) ، وذلك لأنه إذا اشترى طعام بمائة دينار، ودفعها للبائع، ولم يقبض منه الطعام، ثم باع الطعام إلى آخر بمائة وعشرين –مثلًا- فكأنه اشترى بذهبه ذهبًا أكثر منه.
يقول الشوكاني: وهذا التعليل أجود ما علل به، لأن الصحابة أعرف بما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويرى الفقهاء أن هذا الحكم – الذي ورد في عقد البيع – يقاس عليه باقي عقود المعاوضات المالية الأخرى (البيوع والإجارات) ، وهو الرأي الذي أرجحه، لأن ضوابط هذه العقود وأسسها متوافقة- أو أنها في معنى البيع المنهي عنه فتأخذ حكمه.
كيفية قبض المبيع:
المبيع إما عقار أو منقول:
أما العقار- وما في حكمه وهو كل شيء يؤمن فيه الهلاك غالبًا، كما صرح الحنفية في تعليلهم له- وهو الأرض والنخل والضياع، والأبنية، وكذا السفن الكبيرة، كما صرح الشافعية ويمكن أن يقاس على ذلك ما في حكمها من الأموال التي يؤمن فيها الهلاك غالبًا، فإن العقار وما في حكمه اتفق الفقهاء على أن قبضه يكون بالتخلية بين البائع والمشتري بحيث يتمكن من الانتفاع به، والتصرف فيه.
وأما المنقول- وهو كل ما عدا العقار، وما في حكمه- مما ينقل ويحول- فقد اختلف في كيفية قبضه:
فيفرق بعض الفقهاء بين المكيل والموزون والمعدود والمزروع وبين غيرها من باقي المنقولات.
أما المكيل والموزون والمعدود، فقبضه يكون بكيله أو وزنه أو عد لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) رواه أحمد عن عثمان رضي الله عنه، وفي الصحيحين:((ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله)) ، ومثل المكيل والموزون، المعدود والمزروع لأنها مثليات وهو رأي الشافعية والحنابلة.
وأما غير المكيل والموزون والمعدود والمزروع فقبضه يكون حسبما يقضي به العرف - كما صرح المالكية والحنابلة (١) .