وبناء على هذا الرأي يصح بيع كل سلعة – غير الطعام الربوي- ولو كانت عقارًا قبل قبضها ...
الرأي الرابع- القبض شرط في الطعام المكيل والموزون، وأما ما لا يكال ولا يوزن منه فلا بأس ببيعه قبل قبضهن وكذا العقار. ويمكن أن يستدل لهذا الرأي بالأحاديث التي ورد فيها ذكر الطعام المكيل أو الموزون، وهي في روايات حديث عبد الله بن عمر (٩، ١٠) ، وقد تقدم نصها.
وأن هؤلاء الفقهاء اتفقوا على أن المكيل والموزون لا يخرج من ضمان البائع إلى ضمان المشتري إلا بالكيل أو الوزن، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يضمن.
الرأي الخامس – القبض شرط في كل ما يكال ويوزن طعامًا أو غيره، وأما غير ذلك، فالقبض ليس شرطًا فيه: وهو قول أبي عبيد وإسحاق وأدلتهم هي أدلة الرأي الرابع، مع أعمال الأحاديث الواردة في عموم السلع ما كان طعامًا أو غيره.
الرأي السادس- القبض شرط في كل ما يكال وما يوزن، وكذا ما يعد (المعدود) ، وما يذرع- قياسًا على المكيل والموزون- طعامًا أو غيره، أي أنه يجري في المثليات وكذا المزروعات- لا في القيميات: وبه قال ابن حبيب من المالكية وعبد العزيز بن أبي سلمة، وربيعة، والحنابلة، فهؤلاء الفقهاء يتفقون مع أصحاب الرأي الخامس في المكيل والموزون، ويستدلون بأدلتهم إلا أنهم يقيسون على المكيل والموزون المعدود والمزروع.
(وكأنهم يعملون الأحاديث جميعها ما ورد منها في الطعام، وما ورد في كل شيء، وما ورد في المكيل والموزون، باعتبار أن الكيل أو الوزن قيد إطلاق الأحاديث التي عمت المكيل والموزون وغيرهما من القيميات، إلا أن المعدود والمزروع يأخذ حكم المكيل والموزون لأنهم جميع مثليات فما اختص به أحدهما من حكم يسري على الآخرين) .
الرأي السابع –القبض شرط فيما ينقل ويحول (المنقول) ، وليس شرطًًا في كل ما لا يقل ولا يحول كالدور والعقار: وهو رأي أبي حنيفة وأبي يوسف وذلك لأن ما لا ينقل ولا يحول القبض فيه عندهم بالتخلية.
فلا يجوز بيع المنقول قبل قبضه ويجوز بيع العقار قبل قبضه عند أبي حنيفة، وأبي يوسف، لأن المبيع هو العرصة (١) ، وهي مأمونة الهلاك غالبًا، فلا يتعلق بها غرر الانفساخ، حتى لو كانت على شاطيء بحر، أو كان المبيع علوا لا يجوز بيعه قبل القبض، والمراد بالحديث النقلي، لأن القبض الحقيقي إنما يتصور فيه، وعملًا بدلائل الجواز ...
(١) جاء في كشاف القناع: ٢/٧٩ ولم يصح من المشتري تصرفه فيما اشتراه بكيل أو وزن أو عد أو زرع قبل قبضه، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه متفق عليه. وكان الطعام يومئذ مستعمل غالب فيما يكال ويوزن وقيس عليها المعدود والمزروع لاحتياجهما لحق توفية، ولا يصح التصرف فيه ببيع ولا إجارة ولا هبة ولو بلا عوض ولا رهن ولو بعد قبض ثمنه. جاء في مختار الصحاح: العرصة- بفتح العين وسكون الراء وفتح الصاد- بوزن الضربة – كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع العِراص-بكسر العين- والعَرَصَات بفتح العين والراء والصاد