للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ وهبة الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فلا يسعني إلا أن أؤيد تقديم الشكر من السادة الذين سبقوني من الأساتذة الفضلاء الذين أسهموا في إثراء هذا البحث سواء كانوا مانعين أو مؤيدين، كما أشكر أيضًا الدكتور عبد الستار الذي وفَّي التلخيص حقه وأضفى في بيانه المتميز النقاط المختلفة بحيث عمت جميع جزئيات البحث.

أما المناقشة فالواقع إنني أذكر هذه الأمور:

أولًا: إنني أؤيد بكل شدة مشروعية المضاربة المشتركة، لا من حيث إقرار واقعها فقد يكون الواقع ظالمًا، ولكن من حيث تطبيق جزئيات المفاهيم التي قامت عليها هذه المضاربة، بالاعتماد على ما هو تلفيق مشروع من مختلف الآراء المذهبية، فكل جزئية من جزئيات المضاربة المشتركة يمكن أن نجد لها تخريجًا واضح المعالم، وبالتالي يمكن القول بسهولة بمشروعية هذا النوع الجديد الذي اقتضته الحياة المعاصرة، والذي حقق نجاحًا واضحًا، خصوصًا فيما يتعلق بتعدد المشاركين (أرباب الأموال) وإسهام المضارب بمال، بالإضافة إلى جهده، وكأن هذه الناحية فقط يمكن أن تجر المضاربة المشتركة إلى شركة عنان، وهذا ما أميل إليه، وسواء كيفنا أنها مضاربة مشتركة أو شركة عنان فالمهم النتائج، ولا يهمنا تكييف العقد كثيرًا، إلا إذا أردنا أن نعرف مدى مشروعية هذا التصرف أو عدم مشروعيته فهذه أول ناحية أركز عليها.

نقطة أخرى: وهي أن التوقيت للمضاربة ما دام الحنفية والحنابلة أجازوا هذا التوقيت، فلماذا نتشكك في الموضوع؟ الواقع الذي أغنى شركة المضاربة هم الحنفية دون بقية المذاهب، هم الذين قالوا بتقسيم المضاربة إلى مطلقة ومقيدة مع أن كل المذاهب الأخرى لا تقول إلا بالمضاربة المقيدة. فهذا الأفق الواسع الذي يتميز به الحنفية من الناحية التطبيقية لا مانع من القول به وأيدهم في هذا أيضًا فقهاء الحنابلة.

النقطة الأخيرة: محاككة أرجو ألا أمس مقام أخينا الشيخ تقي العثماني أنه أورد كلمة للعلامة الكاساني في موضوع التفاوت في تقدير الأرباح بين الشركاء:

أولًا: هذه العبارة أؤكد أنها ليست في المضاربة بحسب علمي وحفظي وتدريسي وإنما هي في شركة العنان. الشيء الثاني: هذه العبارة التي أوردها للعلامة الكاساني، وأنا لا أقر أن نكون سمحاء في إطلاق كلمة الإمام، فيكفي علامة، لأن الإمام لا يطلق إلا على من استقل بقواعد واستنبط بناء عليها، أما أتباع المذاهب فليسوا بأئمة،. . . فعبارة ما اعتمده الشيخ تقي حفظه الله من استنباط حكم جواز تفاوت الأرباح من عبارة الكاساني عكس المطلوب، فالكاساني هذه العبارة في أنه يجوز التفاوت في الربح بالاعتماد على زيادة العمل ولم يطلق الكاساني هذه العبارة في أنه يجوز التفاوت بالأرباح سواء وجد العمل أو لم يوجد فالعبارة تنص صراحة في آخرها: وإن شرطاه –أي زيادة الربح- على أقلها ربحًا لم يجز، فما استنبطه فضيلة الشيخ عكس ما تدل عليه عبارة الكاساني، والله أعلم، وشكرًا، والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>