للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن القائلين بذلك الإمام ابن تيميه حيث يرى أنه لا سبيل إلى ردع المجرمين حتى يأمن الناس على أنفسهم وأموالهم إلا بعقوبة هؤلاء وزجرهم، يقول ابن تيميه: (وأمر اللصوص وهو من المصالح العامة التي ليست من الحقوق الخاصة، فإن الناس لا يأمنون على أنفسهم وأموالهم في المساكن والطرقات إلا بما يزجرهم في قطع هؤلاء ولا يزجرهم أن يحلف كل واحد منهم) (١) .

ويقول ابن القيم: (فمن أطلق كل متهم وخلى سبيله أو حلفه مع علمه باشتهاره بالفساد في الأرض ونقب الدور وتواتر السرقات ولاسيما مع وجود المسروق معه، وقال: لا آخذه إلا بشاهدي عدل أو إقرار اختيار وطوع فقوله مخالف للسياسة الشريعة) (٢) .

وقد أيد ابن فرحون قول ابن القيم بإنزال العقوبة التعزيرية على المتهم الذي دلت القرائن على ارتكابه الجناية فقال: (فهل للقضاة أن يتعاطوا الحكم بما يرفع إليهم من اتهام اللصوص وأهل الشر والتعدي؟ وهل لهم الكشف عن أصحاب الجرائم وهل لهم الحكم بالقرائن التي يظهر بها الحق ولا يقف على مجرد الإقرار وقيام البينات؟ وهل لهم أن يهددوا الخصم إذ ظهر أنه مبطل أو ضربه أو سأله عن أشياء تدل على صورة الحال؟ فالجواب ما ذكره ابن قيم الجوزية الحنبلي من أن عموم الولايات وخصوصها وما يستفيده المتولي بالولاية يتلقى من الألفاظ والأحوال والعرف وليس لذلك حد في الشرع) (٣) .

وتأييد مسلك ابن القيم في هذا الشأن هو ما صرح به كذلك صاحب معين الحكام الحنفي وقد ذكر نفس القول الذي نقلناه عن ابن فرحون (٤) .


(١) الفتاوى الكبرى:٤/١٩١.
(٢) إعلام الموقعين: ٤/٣١٠.
(٣) تبصرة الحكام:٢/١٠٩.
(٤) معين الحكام، ص٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>