للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

توقيع العقوبة التعزيرية بدلالة القرائن

بينا أن الفقهاء قد عولوا على القرائن في الكشف عن الجناة، وأنهم طلبوا من القاضي أن يتحرى ويحاول التوصل إلى إقرار المتهم طالما أن القرائن تشير إليه.. هذا الإقرار قد يحصل عليه القاضي كثيرا في الدعاوى المالية، كما إذا ادعى المتهم الإعسار وأخفى ماله مانعا الوفاء، ولكن هناك بعض الجنايات التي يمتنع الجاني فيها عن الإقرار، فهل يخلي القاضي سبيله أو يعزره مع وجود القرائن الدالة على ارتكابه الجريمة؟.

أجاز الفقهاء عقوبة الجاني بالقرائن وتعزيره إذا كانت قوية الدلالة في الدعوى، على وجه الخصوص إذا كان المتهم من أهل التهمة ومعروفا بالتعدي والفساد وقد جاءت عبارات الفقهاء حافلة بالأمثلة على ذلك ننقل هنا قطوفا منها:

جاء في عدة أرباب الفتوى في جواب له عن مسألة، حيث كان الرجل متهما ووجد بعض المتاع المسروق عنده بعد الثبوت فللحاكم الشرعي أن يأمر حاكم العرف بحبسه بل وضربه، قال مولانا فخر الدين قاضيخان: ومن يتهم بالقتل والسرقة وضرب الناس يحبس في السجن إلا أن يظهر التوبة (١) .

وجاء في معين الحكام: (وقع في الأصل أن المدعى عليه إذا أنكر السرقة قال عامة المشايخ: الإمام يعزره، إذا وجد في موضع التهمة بأن رآه الإمام يمشي مع السراق أو رآه مع الفساد جالسا لا يشرب الخمر لكنه معهم في مجلس الفسق) (٢) .


(١) عدة أرباب الفتوى، ص٨٣.
(٢) معين الحكام، ص٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>