هذا ما كان في مذهب الحنفية، أما في مذهب المالكية، فإن الفقيه المالكي ابن فرحون يميل إلى ما ذهب إليه ابن الغرس، ويستفاد هذا الميل من قوله معددا القرائن التي يقول بها الفقهاء:(الأربعون: قال أصحابنا: إذا رأينا رجلا مذبوحا في دار والدم يجري وليس في الدار أحد ورأينا رجلا قد خرج من عنده في حالة منكرة علمنا أنه الذي قتله وكان لوثا يوجب القسامة أو القود للقرينة الظاهرة)(١) .
يظهر من هذا القول أن ابن فرحون يرى أن الحكم في هذه الواقعة التي هي شبيهة بتلك التي أوردها ابن الغرس- هو إما القسامة وهو ما يقول به غيره من فقهاء المذهب، أو القود وهو ما يميل إليه هو، ويؤيد ذلك قوله في موضع آخر:(ومن اللوث الذي يوجب القصاص لو شهد شاهدان أنهما رأيا رجلا خرج مستترا في دار في حالة رثة، فاستنكرا ذلك، فدخل العدول من ساعتهم الدار فوجدوا قتيلا يسيل دمه، ولا أحد في الدار غيره وغير الخارج فهذه شهادة يقطع الحكم بها وإن لم تكن على المعاينة) .
فقد عد هذه القرينة أي هيئة المتهم بالقتل كالشهادة على المعاينة وأوجب بها القصاص.