للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقي من أدلة المجوزين قولهم: إن الصحابة لم ينكروا على من عمل بها من الصحابة فكان هذا إجماعا منهم.

يقول الصنعاني في سبل السلام: (واستدل الأولون بأنه قاله عمر على المنبر ولم ينكر، فينزل منزلة الإجماع، قلت: ولا يخفى أن الدليل هو الإجماع لا ما ينزل منزلته) (١) .

ويقول الشوكاني في نيل الأوطار: (والحاصل أن هذا من قول عمر، ومثل هذا لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس، وكونه قاله في مجمع من الصحابة، ولم ينكر عليه لا يستلزم أن يكون أجماعا، كما بينا ذلك في غير هذا الموضوع من هذا الشرح، لأن الإنكار في مسائل الاجتهاد غير لازم للمخالف، لاسيما والقائل بذلك عمر وهو بمنزلة من المهابة في صدور الصحابة) (٢) .

ومقصود قول الصنعاني والشوكاني هو أنه لابد من الإجماع فعلا، وسكوتهم على قول عمر لا يعد إجماعا، وبذلك لا تتحقق دعوى الإجماع التي قالوها.

هذا فيما يتعلق بأدلة المجوزين أما إذا نظرنا إلى أدلة المانعين للعمل بالقرينة في الحدود، فنجد أنها قد اعتمدت على جانب غير يسير من الحديث النبوي الشريف، فالحديث الذي رواه ابن ماجه مرفوعا حديث قال عنه في الزوائد: (إسناده صحيح ورجال ثقات) (٣) ويعضده أيضا ما ورد في الصحيح عن ابن عباس حينما سئل في حديث اللعان أهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه؟ فقال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء، وفي رواية لا، تلك امرأة أعلنت (٤) ، أي اشتهر وشاع عنها الفاحشة، ولكن لم يثبت ببينة أو اعتراف، قال النووي: (ففيه أنه لا يقام الحد بمجرد الشياع والقرائن، بل لابد من بينة أو اعتراف) (٥) .


(١) سبل السلام:٤/٨.
(٢) نيل الأوطار:٧/١٠٦
(٣) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي على شرح سنن ابن ماجه:١/٨٥٥.
(٤) صحيح مسلم مع شرح النووي:١٠/١٣٠.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم:١٠/١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>