للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول البيهقي عن حديث ابن مسعود المتقدم: (ويحتمل أن عبد الله بن مسعود لم يجلده حتى ثبت عنده شرب ما يسكر ببينة أو اعتراف) (١) .

أما عن الأثر المنقول عن عمر رضي الله عنه بحد المرأة بقرينة الحمل فقد ذكرت أقوال في تأويله، وصرفه عن ظاهرة، منها قول الطحاوي: (عن مقصود عمر إذا كان الحبل من زنا وجب الرجم فيه، وهو كذلك، ولكن لابد من ثبوت كونه من زنا ولا ترجم بمجرد الحبل مع قيام الاحتمال فيه، لأن عمر لما أتى بالمرأة وقالوا إنها زنت وهي تبكي فسألها ما يبكيك؟ فأخبرت أن رجلا ركبها وهي نائمة، فدرأ عنها الحد) (٢) .

قال في فتح الباري عن هذا التأويل: (ولا يخفى تكلفه، فإن عمر قابل الحبل بالاعتراف، وقسيم الشيء لا يكون قسمه، وإنما اعتمد من لا يرى الحد بمجرد الحبل قيام الاحتمال بأنه ليس من زنا محقق، وأن الحد يدفع بالشبهة) (٣) ، يقصد بذلك أن عمر رضي الله عنه جعل الحبل في مقابلة الاعتراف أو البينة ولا وجه لذكر الحبل في قول عمر إذا كان الزنا قد ثبت بطريق غيره.

ويقول المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم: (ربما كان هذا سياسة من عمر لظروف اقتضت ذلك، وللإمام أن يعمل ما فيه المصلحة مهتدياً بهدي الشرع) (٤) .

ولكن ليس في هذا الخبر ما يدل على أن عمر جعل ثبوت الحد عن طريق قرينة الحمل بطريق السياسة، وأن البينة والاعتراف من غير طريق السياسة، فعمر قد جعل البينة والاعتراف والحبل طرقا لإثبات الزنا وموجب الحد، ولم يبق إلا أن يقال إن هذا هو مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه.


(١) السنن الكبرى للبيهقي: ٨/٣١٥.
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري: ١٢/١٣٠
(٣) المصدر السابق نفسه.
(٤) طرق القضاء في الشريعة الإسلامية، ص٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>