للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يجوز في عقد التوريد أن يتفق على سعر الوحدة دون الكمية؟ :

تعرض الفقهاء للبيع بسعر الوحدة، لدى كلامهم عن بيع الصبرة، كأن يقول له: بعتك هذه الصبرة من الحنطة، كل إردب بدرهم، وقد أجازه من الحنفية الصاحبان، كما أجازه المالكية والشافعية والحانبلة لأن ثمن البيع يمكن الوصول إليه، بعد معرفة كمية المبيع (١) .

وفي عقد التوريد، غالبًا ما يقوم المورد بتقدير الكمية التي سيطلبها المورد له، لكي يكون مستعدًا لتسليمها (٢) ، فلا أرى مانعًا شرعًا من إباحة هذه الصورة من صور التوريد.

هل يجوز في عقد التوريد أن يترك السعر لسعر السوق؟

البيع بسعر السوق أو بسعرالمثل، أو بما ينقطع به السعر، جائز عند الإمام أحمد، وابن تيمية، وابن القيم، قال ابن تيمية: " المرجع في الأجور إلى العرف. كذلك في البيع، فقد نص أحمد على أنه يجوز أن يأخذ بالسعر، من الفامي (٣) (....) بل عوض المثل في البيع والإجارة أولى بالعدل، فإنه يوجد مثل المبيع والمؤجر كثيرًا ( ... ) فإذا كان الشارع جوز النكاح بلا تقدير، فهو بجواز البيع والإجارة، بلا تقدير ثمن وأجرة، بل بالرجوع إلى السعر المعلوم، والعرف الثابت، أولى وأحرى، وعلى هذا عمل المسلمين دائمًا، لا يزالون يأخذون من الخباز الخبز، ومن اللحام اللحم ( ... ) ، ولا يقدرون الثمن، بل يتراضيان بالسعر المعروف ( ... ) فإن الله ( ... ) لم يشترط في التبايع إلا التراضي، والتراضي يحصل من غالب الخلق بالسعر العام، وبما يبيع به عموم الناس، أكثر مما يماكس عليه، وقد يكون غبنه، ولهذا يرضى الناس بتخبير (٤) الثمن أكثر مما يرضون بالمساومة، لأن هذا بناء على خبرة المشتري بنفسه، فكيف إذا علم أن عامة الناس يشترون بهذا الثمن فهذا مما يرضى به جمهور الخلق. . . " (٥) .


(١) الغرر للضرير، ص ٢٦٤.
(٢) نظرات في أصول البيوع الممنوعة، ص ٧٠.
(٣) الفامي: البقال.
(٤) لعل المعنى: إخبار، ولعل المقصود: بيع الأمانة.
(٥) نظرية العقد، ص ١٦٤؛ وانظر إعلام الموقعين: ٤ / ٥ – ٦؛ وبدائع الفوائد: ٤ / ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>