للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيب في العين المستأجرة:

إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً (١) لم يكن يعلم به أثناء العقد، فإن العقد لا ينفسخ، وإنما يكون للمستأجر حق الفسخ "بغير خلاف نعلمه"كما قال ابن قدامة (٢) فهو بالخيار إن شاء فسخ العقد وإن شاء قبل بالعقد كما هو الحال في العيب في البيوع، لكن جماعة من الفقهاء قالوا: لو بادر المؤجر بإصلاح العيب سقط الخيار (٣) .

وكذلك الحكم إذا وجد عيباً فيها بعد العقد، وحتى بعد القبض –خلافاً لما في البيع- وذلك لأن الإجارة عقد على المنافع، وهي تتجدد، ويحتاج إليها طوال فترة الإجارة، كما أنها لا يحصل قبضها إلا شيئاً فشيئاً، فإذا حدث العيب فهو خلل يسبق البقية الباقية من المنافع المطلوبة إلا إذا قام بإصلاحه فوراً فلا يحق له الفسخ.

وإن اختلفا في كون الشيء عيباً أم لا، فالمرجع في ذلك أهل الخبرة.

وفي كلتا الحالتين فالمستأجر إذا فسخ فالحاكم فيه كحكم ما سبق من الانفساخ بتلف العين.

وإذا رضي بالعين المؤجرة مع وجود العيب فما الذي يلزمه من الأجرة، هل كلها؟ أم ينقص منها بقدر العيب؟

هذا ما ثار فيه الخلاف بين الفقهاء:

فذهب جمهور الفقهاء (منهم الحنفية، والشافعية في وجه، والحنابلة) (٤) إلى أنه إذا رضي بالعين المؤجرة فتجب عليه الأجرة كاملة، لأنه رضي به ناقصاً فأشبه لو رضي بالمبيع معيباً حيث ليس له إلا الثمن.


(١) المراد بالعيب هنا هو ما ينقص الانتفاع المقصود بالعين المؤجرة مثل هدم حائط للدار، أما ما لا يفوت شيئاً من الانتفاع على المستأجر مثل انهدام جزء يسير منها لا يضر بالمنفعة المقصودة له من الدار وهو السكنى فإن ذلك لا يثبت الخيار وحق الفسخ. انظر: المغني: ٥/٤٥٧؛ والروضة: ٥/٢٣٩؛ والمبسوط: ١٥/١٣٦.
(٢) المغني: ٥/٤٥٧.
(٣) الروضة: ٥/٢٣٩؛ والمغني: ٥/٤٥٧.
(٤) يراجع: المبسوط: ١٥/١٣٦؛ والروضة: ٥/٢٣٩؛ والمهذب: ١/٤٠٥؛ والمغني: ٥/٤٥٧؛ ويراجع الوسيط في عقد الإجارة للدكتور عبد الرحمن محمد عبد القادر، ط. دار النهضة العربية بالقاهرة، ص٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>