للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعليق الإجارة على أحد الأمرين، أو النسبة:

وأجاز بعض الحنفية بعض صورها مثل أن يدفع إلى الحائك غزلاً ينسجه بالنصف حيث أجازه مشايخ بلخ (١) ، وتوسع الحنابلة في ذلك إذا كان بجزء شائع (٢) ، ومنعه الشافعية وجمهور الحنفية (٣) .

ومنع المالكية أن تكون الأجرة مترددة بين أمرين بأن يقول إن خطته اليوم فبدرهم، أو غداً فبنصف درهم، أو خياطة رومية فبدرهم، أو عربية فنصف درهم، لأنه كبيعتين في بيعة، فإن خاط فله أجرة مثله لفساد العقد، وقيد بعضهم بأن لا تزيد على المسمى، وعن مالك في أجراء يخيطون مشاهرة فيدفع لأحدهم الثوب على إن خاطه اليوم فله بقية يومه، وإلا فعليه تمامه في يوم آخر، ولا يحسب له في الشهر: يجوز في اليسير الذي لو اجتهد فيه لأتمه، ويمتنع في الكثير، ولو استأجره على تبليغ كتابه إلى بلده ثم قال بعد الإجارة: إن بلغته في يوم كذا فلك زيادة كذا، فكرهه، واستحسنه في الخياطة بعد العقد، قال ابن مسعدة: هما سواء، وقد أجازهما سحنون وكرههما غيره.

وأما الحنفية فلديهم خلاف وتفصيل في هذه المسألة، حيث ذهب أبو حنيفة –رحمه الله- إلى أن الشرط الأول (اليوم) صحيح، والثاني (غداً) فاسد حتى لو خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غداً فله أجر مثله، وقال أبو يوسف: الشرطان جائزان، وقال زفر: الشرطان باطلان (٤) .

إذن ففي المسألة أربعة مذاهب:

المذهب الأول: العقد فاسد، والشرط باطل وهو رأي المالكية –على التفصيل السابق- والشافعية، وزفر (٥) .

المذهب الثاني: العقد صحيح، والشرطان صحيحان، وهو رأي الصاحبين وأحمد في رواية (٦) .

المذهب الثالث: الشرط الأول صحيح، والثاني فاسد، وله أجر مثله، وهو رأي أبي حنيفة في ظاهر الرواية (٧) .

المذهب الرابع: مثل الرأي الثالث، ولكن في اليوم الثاني له أجر مثله لا يزداد على نصف درهم، وهو إحدى روايتي ابن سماعة في نوادره، عن أبي يوسف، وأبي حنيفة (٨) .


(١) الفتاوى الهندية: ٤/٤٤٥.
(٢) المغني لابن قدامة: ٥/٤٤٢.
(٣) الروضة: ٥/١٧٦؛ والفتاوى الهندية: ٤/٤٤٥.
(٤) بدائع الصنائع: ٥/٢٥٨٤.
(٥) الذخيرة: ٥/٣٧٧؛ والروضة: ٥/١٧٥؛ والبدائع: ٥/٢٥٨٥.
(٦) بدائع الصنائع: ٥/٢٥٨٥.
(٧) البدائع: ٥/٢٥٨٤؛ والكافي لابن قدامة: ٢/٣٩٢؛ والمغني لابن قدامة.
(٨) المصدر السابق نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>