للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن هنا نتحدث بإيجاز عما يتعلق بالأجرة والمنفعة من حيث الشروط وغيرها في مبحثين:

المبحث الأول

الأجرة

القاعدة العامة هنا هي: أن كل ما صح أن يكون ثمناً في البيع صح أن يكون أجرة في الإجارات (١) ، سواء كان نقداً (دراهم، ودنانير) أو عيناً، أو منفعة، ولذلك اشترط الجمهور في الأجرة ما اشترط في الثمن (٢) .

قال الرافعي والنووي: "يجوز أن تكون الأجرة منفعة سواء اتفق الجنس كما إذا أجر داراً بمنفعة دار، أو اختلف بأن أجرها بمنفعة شخص، ولا ربا في المنافع أصلاً حتى لو أجر داراً بمنفعة دارين، أو أجر حلي ذهب بذهب جاز، ولا يشترط القبض في المجلس" (٣) ، ومنع الحنفية أن تكون الأجرة منافع (٤) .

وقد أجاز المالكية أن تكون الأجرة من نفس الشيء الذي يعمل فيه الأجير مثل أن يستأجره لطحن إردب بدرهم وقفيز من دقيقه، ولعصر الزيتون بنصف الناتج، لأنهما لا يختلفان بعد العصر، ولجواز بيع نصفها كذلك، فإن كان يختلف امتنع، قال القرافي: "وتمتنع الإجارة على سلم الشاة بشيء من لحمها لأنه مجهول قبل السلخ.."وعن أبي الحسن: إذا دبغ جلوداً بنصفها قبل الدباغ على أن يدفعها كلها، فإن فاتت بالدباغ فعلى الدباغ نصف قيمتها يوم قبضها، وله أجرة المثل في النصف الآخر لحصول العمل، وإن دبغها بنصفها بعد الدباغ فدبغت فهي كلها لربها، لفساد العقد بسبب الجهالة بحال المدبوغ، وللدباغ أجرة مثله..

ويجوز على قول أشهب الإجارة على الذبح، أو السلخ برطل لحم، لأنه يجوز بيع ذلك اعتماداً على الجنس (٥) .


(١) الذخيرة حيث ذكر هذه الكلية وأسندها إلى الأئمة دون خلاف: ٥/٣٧٦؛ والروضة: ٥/١٧٦؛ والمغني لابن قدامة: ٥/٤٤١؛ والبدائع: ٦/٢٦٠٦.
(٢) التاج والإكليل لمختصر خليل بهامش موهب الجليل، ط. دار الكتب العلمية ببيروت: ٧/٤٩٤؛ والفتاوى الهندية: ٤/٤١٢؛ وبدائع الصنائع: ٦/٢٦٠٦؛ ونهاية المحتاج: ٥/٣٢٢؛ والمغني لابن قدامة: ٥/٤٤٠-٤٤١.
(٣) الروضة: ٥/١٧٦.
(٤) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٠٨.
(٥) الذخيرة للقرافي: ٥/٣٧٦-٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>