للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢-موافقة القبول للإيجاب في جميع جزئياته بأن يقبل ما أوجبه الطرف الأول، وإلا فإن غير فيعتبر إيجاباً جديداً يحتاج إلى قبول الآخر، فلو قال: أجرتك شهرياً بألف، فقال المستأجر: قبلته بخمسمائة، لم ينعقد العقد إلا إذا كان داخلاً في قوله وراضياً به بطريق أولى، مثل أن يقول: أجرتك بألف، فقال: قلت بألف وخمسمائة أو نحو ذلك فهذا جائز، لأن الألف داخل في الألف وخمسمائة، ولأنه راض به بطريق أولى (١) .

٣-اتصال القبول بالإيجاب في مجلس العقد، لأنه جامع المتفرعات إذا كانا حاضرين، أو في مجلس العلم إن كانا غائبين، وهناك تفاصيل حول هذه المسألة تذكر في نظرية العقد (٢)

والإجارة تنعقد بالكتابة، وبإشارة المعذور كما تنعقد باللفظ الدال على المطلوب، وكذلك تنعقد بالبذل والطاعة كالركوب في باخرة المسافرين، وسيارات الأجرة دون تلفظ من أحد العاقدين، فإن كانت الأجرة معلومة أعطيت وإلا فأجرة المثل (٣) .

وكذلك تنعقد بالسكوت كأن يقول المؤجر: أجرتك داري بمائة فسكت المستأجر سكوتاً يفهم منه الموافقة أو قال: لا بل بثمانين ديناراً فسكت المؤجر تم العقد (٤) .

وتنعقد كذلك إجارة الفضولي عند من يجيز عقوده موقوفة على إجازة من بيده حق التصرف (٥) .

الركن الثالث- المعقود عليه:

ورد عن بعض فقهاء الشافعية أن محل الإجارة: الأعيان المعينة، أو الموصوفة في الذمة أو الأشخاص (٦) ، وذلك لبيان مرجع المنفعة وإلا فإن الإجارة لا تقع إلا على المنفعة، فهي هدفها الأساسي ومقصدها الأصلي، ولكن بما أن هذه المنفعة لابد لها من محل يتعلق به من عين معينة، أو موصوفة في الذمة، أو الشخص فقد يعبر عنها بمحلها ومتعلقها، ولذلك فما يقال من أن محل الإجارة على الأشخاص العمل لا يتعارض مع ما ذكرنا، لأن العمل أيضاً هو المنفعة والأثر الناتج عن الشخص، ومن هنا فالمنفعة هي المقصود الأساسي من العقد، وهي مع الأجرة التي هي عوض عن المنفعة طرفا المعقود عليه، جاء في حاشية القليوبي تعليقاً على قول النووي: واردة على عين: أي على منفعة متعلقة بعين، كما ذكره بعده فمورد الإجارة المنفعة مطلقاً، وقيل: موردها في المعين: العين، قال الشيخان: "والخلاف لفظي ... " (٧) .


(١) يراجع للتفصيل في ذلك: مبدأ الرضا في العقود، دراسة مقارنة: ٢/١٠٢١، ١٠٧٥، ١٠٩٥.
(٢) مبدأ الرضا في العقود: ٢/١٠٧٦.
(٣) انظر المادة (٤٣٧) من مجلة الأحكام العدلية ط. شعاركو، ص٨٤.
(٤) انظر المادة (٤٣٨) من المجلة؛ ويراجع: مبدأ الرضا في العقود: ٢/٩٦٥ وما بعدها.
(٥) المادة (٤٦١) من المجلة، ويراجع: مبدأ الرضا في العقود: ١/١٥٢.
(٦) قال في المغني ٥/٤٣٤: "إن المعقود عليه المنافع، وهذا قول أكثر أهل العلم منهم: مالك وأبو حنيفة، وأكثر أصحاب الشافعي، وذكر بعضهم أن المعقود عليه العين، لأنها الموجودة والعقد يضاف إليها فيقول: أجرتك داري كما يقول بعتكها".
(٧) حاشية القليوبي على شرح المحلى على المنهاج: ٣/٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>