للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجال المقارنة وحياديتها:

ويقصد بالمذاهب الفقهية المستهدفة للمقارنة جميع المذاهب المعمول بها الآن، وهذا يحقق النظرة المتكافئة بين جميع المذاهب التي ينتسب إليها فقهاء العالم الإسلامي الذين يضمهم هذا المجمع من أعضاء وخبراء، وهي المذاهب الأربعة: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، ويلحق بها المذهب الظاهري للاهتمام به في الدراسات المقارنة ولو لم يشتهر العمل به، والمذهب الإمامي، والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي.

وقد جرى الالتزام ببيان الأحكام الفقهية وفق هذه المذاهب في الرسائل العلمية الجامعية ونحوه، كما اهتمت بذلك الموسوعات والمدونات والأبحاث التي تقدم للمؤتمرات والندوات، فضلًا عن الاستمداد منها في أعمال التقنين والأنظمة المستمدة من الشريعة الإسلامية.

هذا، ويلحظ أن المقارنة بين المذاهب الفقهية بصورة شاملة لها جميعًا لم تحظَ بالاهتمام على مدى العصور، فأحيانًا تنشط وأحيانًا تهمل أو تقع على غير الوجه السوي، مع أنها ضرورية لمواجهة المستجدات العصرية بكل ما في التراث الفقهي من ثراء، دون تحفظ إلا بقدر ما تقضي به ضوابط سلامة الاجتهاد وتحقيق المقاصد الشرعية.

وفي هذا يقول ابن حزم: ولسنا نُخرج من جملة العلماء من ثبتت عدالته وبحثه عن حدود الفتيا (أي ضوابطها) وإن كان مخالفًا لنحلتنا، بل نعتد بخلافه، كسائر العلماء ولا فرق كعمرو بن عبيد، ومحمد بن إسحاق، وقتادة بن دعامة الدوسي، وشبابة بن سوار، والحسن بن حي، وجابر بن زيد ونظرائهم، وإن كان فيهم القدري والشيعي والإباضي والمرجئ، فهم كانوا أهل علم وفضل وخير واجتهاد رحمهم الله، وغَلَطُ هؤلاء بما خالفونا فيه كغلط سائر العلماء في التحريم والتحليل ولا فرق (١) .


(١) مراتب الإجماع، لابن حزم، ص١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>