للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان منهج الإنسان في حياته تلك يسير مع هذه الخاصية، وهذه الميزة، ومن ثم:

- اختص الله تعالى الإنسان بمنهج معين للزواج، أي للإرواء الغريزي، والعاطفي، والنفسي، والاجتماعي , فكان أن شرع الله تعالى له الزواج، رباطًا وثيقًا بين الرجل والمرأة، ووثاقًا مؤكدًا يجمع بينهما {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: ٢١] وأقامه على الرضا، والاختيار، وحسن العشرة، وتفيض الآيات الكريمة والسنة النبوية المطهرة في إرساء ضوابط هذه العلاقة الزوجية , (١) فتبين ضوابطها، في البداية وفي النهاية، وفيما بينهما (٢) , وترغب فيها، وتعدد فوائدها.. قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} . [النور: ٣٢]

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) . (٣) وغير ذلك كثير.

- وكما اختار الله تعالى للإنسان الزواج حدد له من يحل له التزوج منها، ومن يحرم (٤) تحديدًا قطعيًا بآيات من القرآن الكريم، وبأحاديث من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

- كما حدد للزوجين طريق الإرواء الغريزي والعاطفي، والنفسي ومنهجه، قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} . [البقرة: ٢٢٣]

قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: " الحرث مكان الولد " أقول: إذ بذلك تتحقق مصالحه من الإرواء الغريزي، والمودة والسكن، والإنجاب، وتكوين الأسرة ... ، وبغير هذا المسلك الشرعي بداية ونهاية ينتشر الفساد في الأرض؛ من الزنا، واللواط، والسحاق ... ، وما يصاحب كل ذلك من انهيار الأسرة، وتفسخ المجتمع، وضعف الانتماء الوطني ...


(١) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) رواه ابن حبان وصححه، ورواه أحمد والطبراني في الأوسط، وقال ابن أبي حاتم: رجاله رجال الصحيح.
(٢) قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: ١٩]
(٣) رواه الجماعة.
(٤) راجع آيات سورة النساء: ٢٢، ٢٣، ٢٤ ...

<<  <  ج: ص:  >  >>