للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه بالخيار بين أن يحكم بينهما وبين ألا يحكم؛ لأنهما كافران فلا يلزمه الحكم بينهما كالمعاهدين.

والقول الثاني: أنه يلزمه الحكم بينهما وهو اختيار المزني لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] ولأنه يلزمه دفع ما قصد كل واحد منهما بغير حق فلزمه الحكم بينهما كالمسلمين.

وإن كانا على دينين كاليهودي والنصراني ففيه طريقان:

أحدهما: أنه على القولين كالقسم قبله؛ لأنهما كافران فصارا كما لو كانا على دين واحد.

والثاني: قول أبي علي ابن أبي هريرة أنه يجب الحكم بينهما قولًا واحدًا؛ لأنهما إذا كانا على دين واحد فلم يحكم بينهما تحاكما إلى رئيسهما فيحكم بينهما، وإذا كانا على دينين لم يرض كل واحد منهما برئيس الآخر فيضيع الحق (١) .

وإذا تحاكم ذمي ومعاهد ففيه قولان كالذميين، وإن تحاكم إليه مسلم وذمي أو مسلم ومعاهد لزمه الحكم بينهما قولًا واحدًا؛ لأنه يلزمه دفع كل واحد منهما على ظلم الآخر فلزمه الحكم بينهما، ولا يحكم بينهما إلا بحكم الإسلام لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] ولقوله تعالى {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (٢) [المائدة: ٤٢] .

وأما عن الأمر الثاني وهو موضوع الحقوق فيقول صاحب المهذب في بيان موضع القولين موضحًا أقوال أئمة المذهب، قال: فمنهم من قال القولان في حقوق الآدميين وفي حقوق الله تعالى، ومنهم من قال القولان في حقوق الآدميين وأما حقوق الله تعالى فإنه يجب الحكم بينهما قولًا واحدًا؛ لأنه إذا لم يحكم بينهما ضاعت.

ومنهم من قال القولان في حقوق الله تعالى؛ فأما حقوق الآدميين فإنه يجب الحكم بينهما قولًا واحدًا؛ لأنه إذا لم يحكم بينهما في حقوق الآدميين ضاع حقه واستضر ولا يوجد ذلك في حقوق الله تعالى (٣) .


(١) المهذب للشيرازي جـ ٢ / ٢٥٦
(٢) المهذب للشيرازي جـ ٢ / ٢٥٦.
(٣) المهذب للشيرازي جـ ٢ / ٢٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>