للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج. التحكيم في مسائل الحدود والقصاص:

اختلف الفقهاء في جواز التحكيم في الحدود والقصاص فذهب الحنابلة وطائفة من الشافعية إلى جواز التحكيم في الحدود والقصاص بل إن الحنابلة توسعوا في الأخذ بالتحكيم فلم يقيدوه بشيء مما قيده به غيرهم فينفذ عندهم التحكيم في المال والقصاص والحد والنكاح واللعان وغيرها (١) ، وقال في المهذب: واختلف أصحابنا فيما يجوز فيه التحكيم فمنهم من قال: يجوز في كل ما تحاكم فيه الخصمان كما يجوز حكم من ولاه الإمام (٢) .

وذهب فريق إلى أنه لا يجوز التحكيم في الحدود التي لله تعالى حق فيها هو قول الحنفية والشافعية (٣) جاء في بداية المبتدي: ولا يجوز التحكيم في الحدود والقصاص، قال البابرتي في شرحه على الهداية: لا يجوز التحكيم في الحدود الواجبة حقًّا لله تعالى باتفاق الروايات؛ لأن الإمام هو المتعين لاستيفائها وأما في حد القذف والقصاص فقد اختلف المشايخ، قال شمس الأئمة من أصحابنا من قال بالتحكيم في حد القذف والقصاص جائز (٤) .

وقال الخصاف: ولو أن رجلين حكما بينهما رجلًا في حد أو قصاص فحكم بينهما لم يجز ذلك، ومن أصحابنا من قال: إنما لا يجوز هذا في الحدود الواجبة لله تعالى أما في القذف والقصاص فإنه يجوز (٥) .

وقال الماوردي: والأحكام تنقسم في التحكيم إلى ثلاثة أقسام: قسم يجوز فيه التحكيم وهو حقوق الأموال وعقود المعاوضات وما يصح فيه العقد والإبراء.

وقسم لا يجوز فيه التحكيم وهو ما اختص القضاة بالإجبار عليه من حقوق الله تعالى والولايات على الأيتام وإيقاع الحجر على مستحقيه، وقسم مختلف فيه وهو أربعة أحكام: النكاح، واللعان، والقذف، والقصاص (٦) وكذلك منع المالكية جريان التحكيم في الحدود والقصاص.

قال الصاوي في حاشيته على أقرب المسالك: والحاصل أنه يحكم في الأموال والجراحات عمدها وخطئها لا في الحدود ومنها قطع اليد في السرقة ولا في النفوس؛ لأن الحدود المقصود منها الزجر وهو حق الله وكذلك القتل؛ لأنه إما لردة أو حرابة، وكله حق لله لتعدي حرماته (٧) .


(١) كشاف القناع جـ ٦ / ٣٠٨.
(٢) المهذب جـ ٢ / ٢٩١
(٣) المهذب جـ ٢ / ٢٩١
(٤) شرح العناية على الهداية – فتح القدير جـ ٧ / ٣٨.
(٥) شرح أدب القاضي للخصاف جـ ٤ / ٦٢.
(٦) أدب القاضي جـ ٢ / ٣٨٠، ٣٨١.
(٧) الشرح الصغير جـ ٤ / ١٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>