للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- التحكيم في المعاملات المالية

التحكيم في المنازعات المالية هو الأصل (١) ولهذا كان أول تقنين لمسائل التحكيم طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية النصوص التي اشتملت عليها مجلة الأحكام العدلية مأخوذة من المذهب الحنفي.

فقد نصت المادة ١٨٤١: (يجوز التحكيم في دعاوى المال المتعلقة بحقوق الناس) وجاءت بقية المواد لتنظيم أحكامه التفصيلية ثم أخذت التشريعات الوضعية تخصص للتحكيم نصوصًا خاصة في قوانين المرافعات وبات التحكيم يأخذ مكانة مرموقة على مستوى دول العالم ومختلف نظمه وهيئاته فالتحكيم في مسائل المعاملات كالكفالة بالنفس والمال والشفعة والديون والبيوع صحيحة وجائزة (٢) وقال في التبصرة: إن الخصمين إذا حكما بينهما رجلًا وارتضياه لأن يحكم بينهما فإن ذلك جائز في الأموال وما في معناها (٣) وجاء في الشرح الصغير: وجاز تحكيم ... في مال من دين وبيع وشراء فله الحكم بثبوت ما ذكر أو عدم ثبوته ولزومه وعدم لزومه وجوازه وعدمه (٤) .

وقد ورد قول ضعيف لبعض الفقهاء أنه لا يجوز لما فيه من الافتيات على الإمام ونوابه وقد رد هذا القول على قائله بأنه ليس للمحاكم حبس ولا استيفاء عقوبته فلا افتيات ولا خرق لهيبة السلطان (٥) وشرط بعضهم لجواز التحكيم أن لا يكون قاض بالبلد وهذا القول أيضًا مردود (٦) بأن الحكم بين الناس إنما هو حق للناس لا حق الحاكم ولكن لما كان الاسترسال على التحكيم خرقًا لقاعدة الولاية ومؤديا إلى تهارج الناس فأمر الشارع بنصب الوالي ليحسم قاعدة الهرج وأذن في التحكيم تخفيفًا عنه وعنهم في مشقة الترافع؛ لتتم المصلحتان، وتحصل الفائدتان (٧) .


(١) أدب القاضي للماوردي جـ ٢ / ٣٨١؛ مغني المحتاج جـ ٤ / ٣٧٨
(٢) حاشية رد المحتار جـ ٥ / ٤٣٠؛ وشرح فتح القدير جـ ٧ / ٣١٨
(٣) تبصرة الحكام لابن فرحون جـ ٢ / ٥٥
(٤) الشرح الصغير جـ ٤ / ١٩٨.
(٥) نهاية المحتاج جـ ٨ / ٢٢٠
(٦) مغني المحتاج جـ ٤ / ٣٠٩
(٧) أحكام القرآن لابن العربي جـ ٢ / ٦١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>