للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم: هناك جهالة في الشرط ولكن لا تضر هذه الجهالة التي ليست راجعة إلى أحد العوضين. كما أن التشبيه بالبيع بثمنين ليس بصحيح؛ لأن المشابهة للبيع بثمنين أن يقول مثلاً، إن خطته روميًّا فلك درهم وفارسيًّا نصفه، أما ما نحن فيه فهو ليس كذلك، ولذا صرح بالصحة هنا ما لم يقل بها في مثال الخياطة بالرومية والفارسية؛ وذلك لأن المستأجر عليه فيما نحن فيه معيناً، ولكن اشترط عليه التنقيص على تقدير المخالفة. وهذا شرط صحيح لعموم " المسلمون عند شروطهم " وإطلاق الرواية المعتضدة بفتوى الأكثر.

٢ - التنقيص من الأجرة بدون تعيين:

نعم، لو كان الشرط الجزائي هو التنقيص بدون ذكر لمقداره ولو أوصله متأخراً، فيكون الشرط هنا باطلاً لجهالة الأجرة على تقدير الإيصال المتأخر، وحينئذٍ تبطل الأجرة، وإذا بطلت الأجرة ننتقل إلى أجره المثل في هذه الصورة.

ويدل عليه:

كونه على مقتضى القواعد القائلة بصحة الإجارة وبطلان الأجرة لجهالتها، فننتقل إلى أجرة المثل.

ويؤيده ما ورد في كتاب دعائم الإسلام عن الإمام الصادق عليه السلام "أنه سئل عن الرجل يكتري الدابة أو السفينة على أن يوصله إلى مكان كذا يوم كذا، فإن لم يوصله يوم كذا كان الكرى دون ما عقده؟ قال عليه السلام: الكرى على هذا فاسد، وعلى المكترى أجر مثل حمله" (١)

٣ - سقوط الأجرة بأكملها:

ثم لو كان الشرط الجزائي هو سقوط الأجرة بأكملها إن لم يوصله في الوقت المعين، فهو شرط باطل لكونه شرطاً منافياً لمقتضى الإجارة؛ لأنه يرجع إلى استحقاق المستأجر العمل بعقد الإجارة بلا أجرة، فهو مثل قوله آجرتك بلا أجرة، وحينئذ فإن فسد الشرط فسد العقد على رأي؛ لأنه شرط أساسي بني عليه العقد، ويدل على بطلان الشرط نفس الرواية المتقدمة عن الحلبي بقول الإمام الباقر عليه السلام: " وشرط هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه" وعلى قول آخر إن الشرط إذا كان فاسداً لا يبطل العقد. ولكن لا بأس بالتنبيه إلى أن المؤجر يستحق أجرة مثله على كلا التقديرين (من بطلان عقد الإجارة أو عدم بطلانه) ؛ لأنه عمل عملاً بدون تبرع بطلب من صاحب السلعة، فيستحق أجرة المثل لما عمل، ولقاعدة (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) ، والإجارة عقد مضمون لو كان صحيحاً بالأجرة المسماة، فلو كان فاسداً فهو مضمون بأجرة المثل (٢)


(١) المتسدرك ج١٤ باب ٧من الإجارة / ح١ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
(٢) هنا أبحاث معمقة آثرنا تركها لأجل أن لا يطول بنا المقام.

<<  <  ج: ص:  >  >>