أقول: هذا الكلام في الشرط الجزائي قد ورد فيه الحديث المتقدم في الإجارة، فإن لم نر فرقاً بين عقد الإجارة وبقية العقود (غير القرض) (١) فيكون دليل الشرط الجزائي غير منحصر بعقد الإجارة، فيصح الشرط الجزائي على النحو الأول في كل عقد، ومنه عقد المناقصة التي نحن بصددها والتي تكون الإجارة قسماً منها، فيتمكن الداعي إلى المناقصة أن يشترط على من رست عليه المناقصة نقصان أجرته أو ثمنه بمقدار معين إن لم يكمل المشروع الصناعي أو لم يسلم المبيع في مدته المعينة. كما يمكن أن يكون الدليل على صحة الشرط الجزائي هو قاعدة " المسلمون عند شروطهم " التي توجب الوفاء بالشرط إذا كان في ضمن عقد ما لم يكن مخالفاً للكتاب أو السنة.
٧ - مدى حرية الجهة الداعية إلى المناقصة في اختيار أحد من العروض أو التقيد بالأنقص منها:
إن التعريف المتقدم للمناقصات كان يلزم الداعي إلى المناقصة إلى اختيار أحسن من يتقدم للتعاقد معه، وهذا التعريف قد استدل من العرف التجاري لعقد المناقصات، فإذا وصل هذا العرف إلى حد التعهد من قبل المشتري ومن يدخل في المناقصة فلا يبعد أن يلزم المشتري شرعاً باختيار أقل العروض لهذا التعهد الذي يكون ملزماً حسب "أوفوا بالعقود".
ونستطيع أن نتخلص من هذا العرف التجاري في صورة واحدة وهي ما إذا اشترط المشتري على المتناقصين عدم الالتزام باختيار أفضل من يتقدم للتعاقد معه، ففي هذه الصورة يكون المشتري مختاراً في اختيار أحد المتقدمين للمناقصة حسب الشرط.
وأما إذا لم يكن إلزام للداعي إلى المناقصة في اختيار أفضل العروض كما في المناقصات البدائية التي تحصل مشافهة، فحينئذ يكون الحكم هو حرية الجهة الداعية إلى المناقصة في اختيار أحد العروض وإن لم يكن أحسنها ما لم يشترط تقييد الداعي إلى المناقصة بأفضل العروض.
خلاصة البحث:
وخلاصة ما سبق من البحث نذكره على نقاط:
١- بعد تعريف المناقصات وبيان علاقة الضد بين المزايدة والمناقصة واشتراكهما في الإجراءات تبين أن المناقصات هي قسم من المقاولات التي تكون ملزمة للطرفين.
٢- المناقصات على أنواع (مناقصات البيع، والاستصناع والسلم والإجارة والاستثمار بأقسامه المختلفة من مزارعة ومضاربة ومساقاة) وتبين أن المناقصة كما تكون قسماً من البيع والسلم والاستصناع والإجارة والاستثمار تكون أيضاً أعم من البيع لشمولها لهذا العقود.
٣- لا تعارض بين صحة عقود لمناقصات والنهي عن الدخول في سوم الأخ؛ لأن حديث النهي ناظر إلى المعاملة الخاصة الجارية بين الطرفين خاصين، ولا يشمل بيع المناقصة المبنية على عدم السوم مع شخص واحد بل مع جماعة.
(١) إن الشرط الجزائي في القرض سواء كان الغرض منه حث المقترض على الوفاء بدينه في الميعاد فيكون تهديداً ماليًّا للتنفيذ العيني، أو كان شرطاً جزائيًّا حقيقيًّا وهو خلاف التهديد المالي حيث إنه يتصل بالتعويض لا بالتنفيذ العيني، وعدم صحته في القرض واضح حيث إن كل الزيادة للمقرض جاءت من قبل الشرط في عقد القرض هي ربا.