للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينئذٍ نقول: إن الشرط الجزائي المتصور في كل عقد على أنحاء ثلاثة ولنأخذ الإجارة مثالاً للعقد:

١ - التنقيص من الأجرة بمقدار معين: لقد تعرض الفقه الإمامي لهذه الحالة في بحث الإجارة، فقد ذكر العلماء في مسألة " ما لو استأجره ليحمل له متاعاً إلى موضع معين بأجرة معينة واشترط عليه وصوله في وقت معين فإن قصر عنه نقص عن أجرته شيئاً معيناً، جاز وفاقاً للأكثر نقلاً وتحصيلاً، بل المشهور كذلك للأصل، وقاعدة المؤمنون عند شروطهم والصحيح أو الموثق أو الخبر (١) المنجبر بما عرفت عن محمد الحلبي قال: " كنت قاعداً عند قاض من القضاة وعنده أبو جعفر (الإمام الباقر عليه السلام) جالس، فأتاه رجلان فقال أحدهما: إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعاً إلى بعض المعادن، واشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا؛ لأنها سوق أتخوف أن يفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكرى لكل يوم احتبسته كذا وكذا، وأنه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوماً. فقال القاضي هذا شرط فاسد وفيه كراه، فلما قام الرجل أقبل إلى أبو جعفر (الإمام الباقر عليه السلام) فقال: شرط هذا جائز ما لم يحطَّ بجميع كراه" (٢) (٣) (٤)

ومقابل قول الأكثر: من أشكل في صحة هذا الشرط الجزائي لكونه يوجب تعليقاً وجهالة وإبهاماً وأنه كالبيع بثمنين نقداً ونسيئة مثلاً، ولذا ذهب المحقق في " جامع المقاصد" وغيره من المتأخرين إلى البطلان في ذلك وطرح الرواية أو حملها على الجعالة أو نحو ذلك.

أقول: إن ما ذهب إليه مخالف الأكثر هو كالاجتهاد في مقابلة النص الذي لا يقبل الحمل على الجعالة.

ثم إننا لا نرى تعليقاً في الإجارة؛ لأنه لم يستأجره بالناقص لو لم يصل في اليوم المعين، بل وصل بعده، بل الأجرة معينة إن وصل في اليوم المعين، فإن تأخر نقص من الأجرة، وهو شرط في متن العقد على نحو شرط النتيجة أو شرط الفعل، والفرق بينهما واضح، إذ على النحو الأول يكون المشروط له (على تقدير مخالفة الشرط) قد ملك مقدار النقصان على ذمة الشروط عليه، بينما على النحو الثاني فلا يوجد اشتغال ذمة المشروط عليه، بل يجب عليه تمليك مقدار النقصان، فإن لم يفعل فعل حراماً فقط.


(١) إنما عبر صاحب الجواهر بهذا التعبير؛ لأن هذه الرواية لها ثلاثة أسناد: الأول: سند الشيخ الكليني وفيه (محمد بن أحمد) وهو مجهول فالرواية تكون ضعيفة فعبر عنها بالخبر: الثاني: سند الشيخ الطوسي وهو سند صحيح. الثالث: سند الشيخ الصدوق وهو سند صحيح أيضاً. أقول: بعد وجود الطريق الصحيح لا معنى للتعبير بالخبر.
(٢) جواهر الكلام/ج٢٧/ص٢٣٠.
(٣) وسائل الشيعة /ج١٣/باب١٣ من الإجارة/ح٢..
(٤) لقد ثبتت الروايات المتواترة عن الأئمة عليهم السلام بأن قولهم ليس من الرأي أو الاجتهاد وإنما هو عن آبائهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبرئيل عن الله عز وجل، فيكون قولهم حسب هذه الروايات المتواترة حجة وكاشفاً من السنة النبوية، فيلزمنا العمل بها إذا كان السند صحيحاً. راجع كتاب الحلال والحرام في الإسلام، الأمر الخامس من مقدمة المحقق ص٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>